الأحد , ديسمبر 22 2024
الكنيسة القبطية
د.ماجد عزت إسرائيل

أحفاد الوردانى وحادث انفجار الكاتدرائية فى 11 ديسمبر 2016م .

د.ماجد عزت إسرائيل


لقد عانى الأقباط على فترات من التاريخ المصرى العريق من الاضطهادات والإهانات وميادين الاستعباد والبؤس والشقاء زمناً طويلاً ،ونذكر هنا ما كتبه فانسليب قائلا:”فكان الأتراك يعتبروهم حثالة العالم وأقل منزلة من اليهود.

وقد كانوا يسيئون معاملتهم عند ما يحلو لهم ذلك ويغلقون لهم كنائسهم وأبواب منازلهم حين يروق لهم الأمر؛ ولأتفه الأسباب وأبعدها عن العدل لكى يغتصبوا منهم بعض الأموال”

وعلى الرغم من ذلك لم يفكروا أبداً فى الهجرة، ولا حتى ارسال أولادهم بطلب من فرنسا لتعليمهم مجاناً

بل كانوا متعلقين ببلادهم تعلقاً شديداً،وعلق القنصل الفرنسى دى ماييه على ذلك قائلا:”يعتقد الأقباط أن بلادهم لا مثيل لها وهم فى ذلك على حق.ومن يستطع أن يعيب عليهم حبهم لبلد وصفها الأجانب بأنها الفردوس الأرضى؟.


واليوم الأحد الموافق 11 ديسمبر 2016م،وفى أثناء القداس الإلهى حدث انفجار بالكنيسة البطرسية الملحقة بالكاتدرائية،وقال أحد شهود العيان، إن عدد الضحايا بلغ نحو(45)ما بين نحو(25) قتيل،ونحو (20) مصاب

وقامت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة،بإغلاق محيط الكاتدرائية المرقسية بالعباسية ومنعت اقتراب المواطنيين، عقب الانفجار لحين الانتهاء من أعمال الفحص، ونقلت الضحايا إلى المستشفيات

وفى ذات اللحظة وردت أنباء عن عودة قداسة البابا تواضروس الثانى البطريرك رقم (118)

(منذ نوفمبر 2012م – اطال الله عمره سنين عدة ـ من زيارته الرعوية لبلاد اليونان،وذلك لمتابعة أحداث الكاتدرائية عن قرب

كما نذكر للتاريخ تجمع مئات من أسر الشهداء والشعب القبطى ينددون بالإرهاب والمطالبة بالقبض على الفعلة الحقيقيون أحفاد الوردانى.


أما تاريخ الكنيسة البطرسية ـ

كنيسة القديس بطرس وبولس ـ بشارع رمسيس بالعباسية،التى تعرضت لحادث الانفجار فى 11 ديسمبر 2016م،فهى أحد المعالم الكنسية الأثرية في مدينة القاهرة، وهي الكنيسة التى تولت بنائها العائلة البطرسية عقب

أغتيال “بطرس نيروز غالى ” رئيس وزراء مصر في الفترة من( 1908 إلى 1910م)،والذى تم اغتياله على يد

إبراهيم ناصف الوردانى ، أحد أعضاء الحزب الوطني،هذا الحزب الذى بث سمومه وروج لثقافة الطائفية للإطاحة برئيس الوزراء القبطى فى ذات الوقت، فى 20 فبراير1910م

وفارقت روحة الطاهرة عالمنا الأرضى فى 21 فبراير1910م،ودفن فى مقبرة أسفل الكنيسة البطرسية بالعباسة

ومازال مدفن الأسرة أسفل الكنيسة، وأخر من دفن بذات المقبرة الدكتور” بطرس بطرس غالي” 14 نوفمبر 1922 – 16 فبراير 2016م) الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة. وهو حفيد بطرس نيروز غالي، هو أيضاً عم يوسف بطرس غالي وزيراً اللمالية السابق.

وبُنيت الكنيسة البطرسية بالعباسية على الطراز البازيليكي، ويبلغ طولها 28 متراً وعرضها 17 متراً

ويتوسطها صحن الكنيسة والذي يفصل بينه وبين الممرات الجانبية صف من الأعمدة الرخامية

في كل جانب،ويعلو صف الأعمدة مجموعة من الصور رسمها الرسام الإيطالي” بريمو بابتشيرولى” تمثل فترات من حياة السيد المسيح والقديسين

وقد تولى تصميم المباني والزخارف المهندس “أنطون لاشك بك”.

وتضم الكنيسة عددا من لوحات الفسيفساء التي قام بصناعتها الكافاليري “انجيلو جيانيزى” من فينسيا مثل فسيفساء التعميد، والتي تمثل السيد المسيح ويوحنا المعمدان في نهر الأردن

ويوجد أمامها حوض من الرخام يقف على أربعة عمدان، كما توجد صورة بالفسيفساء في قبة الهيكل

تمثال للسيد المسيح العرش وعلى يمينه السيدة العذراء وعن اليسار “مارمرقس الرسول”.ولذلك تعد الكنيسة من أهم المعالم الآثرية.


وربما يكون حادث الانفجار الذى حدث فى 11 ديسمبر 2016م للكنيسة البطرسية الملحقة بالكاتدرائية

رسالة تهديد لبطريرك الكنيسة القبطية،لموقفه الوطنى فى 3 يوليو 2013م، من أحفاد الورادنى

الذين اغتالوا رئيس الوزراء القبطى بطرس غالى 1910م،وظلوا فى تتبعه وملحقاته حتى في مدفنه

وأيضا احراج موقف الدولة الأمنى فى حماية الأقباط بالبلاد،وكذلك توتر العلاقة ما بين الكنيسة والدولة

وكل هذا يؤدى إلى حدوث الفتن والمظاهرات بالبلاد،ويصب كل ذلك فى حساب أحفاد الوردانى الإرهابيين

ولكننى اعتقد شىء واحد، وهو أن الشعب القبطى والكنيسة القبطية معروف عنها وطنيته عبر التاريخ

فلم تنساق وراء ذلك،بل أن هذا الحادث الإرهابى سوف يعمق العلاقات ما بين الشعب القبطى والكنيسة 

نقصد هنا القائمين على إدارة الدار البطريركيةـ والدولة أكثر مما كان.


ولكن لى سؤال لقد نجحت الدولة فى 19 فبراير 1910م، فى ألقي القبض على القاتل إبراهيم الوردانى

واعترف قائلاً” إنه قتل بطرس غالي لأنه خائن للوطن ـ من وجه نظره ـ وغير نادم على ما فعله

ولذلك تم محاكمته وأعدامه فى 28 يونيو 1910م،فهل تستطيع الدولة القبض على الفعلة الحقيقيون

فى هذا الحادث الإرهابى ويتم محاكمتهم فيما يعرف بـ (العدالة الناجزة) وأعدامهم؟

أم قد يصبح الحدث جزء من تاريخ الأحداث الإرهابية التى تعرضت لها الكنيسة حيث الفاعل دائما مجهول

أو معتوه أو مختل عقلياً أو الطرف الثالث أو الفلول أو أيادي خارجية،ونذكر على سبيل المثال الكشح الأولى والثانية، وابوقرقاص،وكنيسة القديسين بالإسكندرية،وحادثة ماسبيرو فى أكتوبر 2011م.

وأخيراً،نحن نثق فى السلطة المصرية وقدرتها على مواجهة الإرهاب، وأحفاد الوردانى حينما كانوا،ولكننا نأمل فى العدالة الناجزة فى محاكمة الإرهابيين ،وربما نرى أنه لن يتحقق ذلك إلا بتولى المحكمة العسكرية العليا

مثل هذه القضايا،وفى النهاية أقدم خالص العزاء للمؤسسة العسكرية ومؤسسة الشرطة والكنيسة القبطية

وشعبها العريق وأسرالشهداء فى الأعمال الإرهابية التى تعرضت لها البلاد فى الفترة الماضية

الرب يعزى قلوبكم جمعياً،حمى الله مصر وشعبها وستبقى مصر آبيه بين الأمم رغم أنف الحاقدين من أحفاد الوردانى.

 

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.