الإثنين , ديسمبر 23 2024
صلاح عبد السميع
دكتور صلاح عبد السميع عبد الرازق

المدرسة الذكية ضرورة حتمية .

الدكتور / صلاح عبد السميع عبد الرازق
هل يمكن تحويل المدارس الحكومية بشكلها وإمكاناتها الحالية إلى مدارس ذكية ؟ ما الفرق بين المدارس التقليدية والمدارس الذكية ؟ هل نحن في حاجة إلى تفعيل منظومة تكنولوجيا المعلومات داخل المدارس على ضوء المتغيرات الحالية ؟ إلى اى مدى يمكن للراى العام وللمعلمين ولأولياء الأمور والتلاميذ الوعي بأهمية توظيف التكنولوجيا في العملية التعليمية ؟ أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات موضوعية من الممكن أن تساهم فى توجيه متخذ القرار إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة ، التي تدفع الى مواجهة ظاهرة الدروس الخصوصية التى تستنزف موارد الوطن ، وتستهلك طاقات أولياء الأمور وطاقات ملايين من الأبناء الذين يقضون معظم الوقت طوال اليوم يتنقلون بين مراكز الدروس الخصوصية ، ويعودوا الى المنزل وقد اصابهم الاعياء الشديد بل الاجهاد الشديد من جراء تلك الدروس الخصوصية ، التى لا تربى الا ذاكرة تحفظ دون وعى ودون تطبيق .

نحاول من خلال المقال أن نجيب عن التساؤلات السابقة على النحو التالى :
هل يمكن تحويل المدارس الحكومية الحالية إلى مدارس ذكية ؟
من المؤكد إن الإجابة هنا ليست بنعم أو لا ، وذلك لأن كل مدرسة لها ظروفها وطبيعتها التي تحتاج الى تقويم الواقع ، لنرى حالة المبنى ، والمعامل ، وحالة المكتبات وغرف ممارسة الأنشطة ، والى اى مدى تتوافر مقومات البيئة التكنولوجية ، والى اى مدى تتوافر شبكات الانترنت بتلك المدارس ، الى غيرها من التساؤلات التى تمثل مقومات أولية لتحقيق بيئة التعلم التكنولوجية.
ان توافر الإرادة والإدارة الفعالة ، إضافة إلى تضافر جهود المجتمع وكذلك أولياء الأمور ، يمكن أن يكون مؤشراً ايجابيا يدفع الى تحقيق الحلم وتحويله الى واقع ، فلدينا من الكفاءات البشرية ما يمكن توظيفها بشكل فعال فى مجال الإدارة والتدريس الفعال ، ولكن نحتاج الى شفافية وخطة عمل وتخطيط استراتيجي واضح ، فبعض المدارس بل غالبيتها يحتاج إلى صيانة حقيقية فى بينية أساسية ترتبط بالمبنى ومتطلبات تحقق الجودة في المبنى المدرسي بكل مرافقه.
ما الفرق بين المدارس الذكية والمدارس التقليدية ؟

فالمدرسة الذكية «SMART School» مدرسة تعتمد على تكنولوجيا المعلومات «Information Technology IT» على نطاق واسع في العملية التعليمية بكافة جوانبها سواء من الناحية الإدارية الخاصة بالمدرسة كعملية حضور وغياب التلاميذ التي يتم رصدها بشكل تكنولوجي من خلال أجهزة الكمبيوتر، وكذلك درجاتهم الشهرية ومستواهم التحصيلي .
ليس ذلك فقط، بل يمكن لأولياء أمور التلاميذ متابعة مستوى أبنائهم من خلال الموقع الإلكتروني الخاص بالمدرسة عن طريق اسم مستخدم وكلمة مرور خاصة «Pass word» بكل طالب يتسلمها ولي الأمر من المدرسة لمتابعة ابنه دون الحاجة إلى الذهاب إلى المدرسة. وكذلك تتخطى في خدماتها أسوار المدرسة لتقدم خدمة للمجتمع المحيط بها بعد أوقات العمل الرسمية الخاصة.
المدرسة التقليدية لا تعتمد على التكنولوجيا ، وان وجدت فهى على الهامش وليست هى الأساس ، وكذلك ليس هناك اى تواصل اليكترونى بين أولياء الأمور والمدرسة وبين التلاميذ والمدرسة ، ولا بين المعلمين والتلاميذ ، التواصل فقط من خلال اللقاءات الصفية وطرق التدريس التقليدية ، لن تسمع عن معلم يدرس لتلاميذه الرحلات المعرفية عبر الويب ، ولا معلم يستخدم التقويم الاليكتروني ، ولا التخطيط الاليكتروني للدروس .

ونود هنا أن نشير إلى أن هناك بعض الأخطاء الشائعة حول مفهوم المدرسة الذكية «SMART School»، كما تم ذكره في إحدى الدراسات ، والتي أشارت إلى انه قد تم ترجمة المصطلح إلى المدرسة الذكية وقد أدت هذه الترجمة (عن غير قصد) إلى اعتقاد البعض أن ما غير هذه المدارس «غبية» مما يشير إلى أزمة الترجمة، في حين أن مصطلح :
SMART School المدرسة الذكية يمثل مجموعة من الاختصارات هي:
Specific محددة.
Measurable يمكن قياسها.
Achievable ممكنة التحقيق.
Realistic واقعية.
Timed بترتيب زمني معين.
فإذا ما تم تجميع الحروف الأولى لهذه الاختصارات تكونت كلمة ( SMART) وهذا يعني أنها تحمل مواصفات معينة يجب توافرها في هذا النوع من المدارس. ولا يعني مفهوم «SMART» الذي يمكن ترجمته إلى العربية على أنه «ذكي» والذي يمكن أن يحدث خلطًا في أذهان الكثيرين مع كلمة «ذكاء» التي تترجم في الإنجليزية إلى «Intelligence».

وللإجابة على السؤال الثالث : هل نحن في حاجة إلى تفعيل منظومة تكنولوجيا المعلومات داخل المدارس على ضوء المتغيرات الحالية ؟
من المؤكد أن التطورات التكنولوجية التى تحدث يوميا بل كل لحظة تجعلنا نفكر فى الواقع وسبل تطويره ، ان الموبايل الذى يمسك به تلاميذ المدارس تتغير وتتطور تطبيقاته كل يوم ، ولم يعد بعيداً عن أحد أن الجيل الحالي أصبح يمتلك القدرة على استخدام تطبيقات الموبايل ، وان الطفل صاحب الثلاث سنوات لديه قدرة عالية فى استخدام التكنولوجيا تفوق قدرة والدية احيانا ، وبالتالي أصبح من الضروري توظيف تلك التكنولوجيا فى خدمة العملية التعليمية والتربوية ، فى لحظة يكتب الطفل السؤال على محرك البحث ، فتظهر له إجابات متعددة ، مشفوعة بصور وفيديوهات مختلفة حول الموضوع أو القضية محل السؤال ، لم نعد فى عالم ضيق يكتفى بالكتاب المدرسي العقيم ، أصبحت مصادر المعرفة متعددة ، وأصبحنا نتحدث عن التعليم عن بعد ، بل أن الطالب يكون فى منزله وغرفته ويتواصل مع معلمه ويشاهد الفيديو التعليمي أكثر من مرة
السؤال الرابع : إلى اى مدى يمكن للراى العام وللمعلمين ولأولياء الأمور والتلاميذ الوعي بأهمية توظيف التكنولوجيا في العملية التعليمية ؟
من خلال أدوات التوعية المختلفة من برامج التدريب والندوات والحملات الإعلانية التثقيفية ، من خلال برامج التدريب للمعلمين وللجهاز الادارى بالمدارس ، وكذلك ندوات التوعية للأولياء الأمور وللتلاميذ .

وأخيراً ان الحديث عن المدرسة الذكية يحتاج إلى تضافر جهود كل أبناء المجتمع ، والى مبادرات تحقق النموذج ، نحتاج إلى صدق النوايا نحتاج إلى فرق العمل التي تستند إلى قيادة واعية مبادرة ، لكى نبدأ الآن وليس الغد …..

1

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.