مشكلة مصر الحقيقية كما يعرفها القاصي والداني ليست مشكلة موارد، ولا مشكلة طاقات، ولا مشكلة إمكانات؛ بل على العكس تماما كل هذا مصدر من مصادر تميز هذه الأمة.
مشكلة مصر الحقيقة هي الإدارة وخصوصا تلك الإدارة العميقة، والعتيقة، والعقيمة، والمتكلسة في كل جنبات الوطن.
كثير من مصالحنا الحكومية صغيرها وكبيرها علاها التراب، وتراكمت عليها أوراق صفراء بالية، وتحولت إلى مخازن للحفظ، بدلا من أن تكون منافذ لخلق الفرص، وإشاعة الأمل.
كثير من إداراتنا تحولت إلى ممرات للهدم، ومقابر للطموح، وأقبية للأمل، وأنفاق للتعطيل والخذلان.
كثير من الإدارات تحولت قيادتها إلى رموز للعته الفكري، والفقر الإبداعي، والتخلف السلوكي، فضلا عن التشوه القيمي.
للأسف الشديد أصبح واضحا للعيان أن هذه النماذج من القيادات الصغيرة على كثرتها، وقلة إمكاناتها إلا أنها أصبحت عائقا أمام تقدم المؤسسات التي يتولون قيادتها.
فكثير من هذا القيادات الوهمية تحولت إلى دمي في أيدي متلاعبين مستفيدين يصدرونهم في المشهد؛ للعرقلة، وتصدير الأزمات، ويوهمونهم بأنهم أصحاب إنجازات فريدة، مجيدة، ومعمرة، وهم يلقون بهم في مزابل التاريخ، فتمر عليهم السنوات والشهور، وسجل إنجازاتهم مملوء بالفراغ وبعض المكايد، والشكاوي، وبث روح الفرقة بين المرؤوسين.
هذا النمط من القيادات هو السبب الحقيقي والأصيل لما تعانيه الأمة من تراجع في إمكاناتها، وفي خلق آفاق جيدة؛ تصنع ممرا للخروج مما نحن فيه من أزمات.
نعم مشكلتنا في مصر مشكلة إدارة فآليات الاختيار أفرزت الصغار، والواقع أثبت مرارة هذه الاختيارات، وباعتراف الجميع حتى القائمين على الاختيار ذاته، والدليل دائما الرغبة في التغيير، والصراخ الدائم بأن هكذا نماذج هي المتاح، وهذا لا يعني التعميم على الإطلاق، فهناك نماذج فريدة ممن هم على مقاعد الإدارة أقل ما يوصفون بأنهم نماذج راقية، ومتميزة، وقديرة، ولكنهم قلة في زمن لا يعترف إلا بالكثرة.
وفي هذا السياق وبما أن التشخيص واضح للعيان؛ لذا وجب اتخاذ القرارات القاسية، والجريئة والقوية.
من فضلك يا من تملك القرار مهما كان موقعك، ومهما كانت درجتك، شد سيفونك على هكذا قيادات ممن دونك في القيادة؛ لتذهب هكذا نماذج إلى القاع؛ لعل وعسي يخرج إلى السطح نمط متميز من القيادات تأتي بفكر جديد، وأمل متجدد، يبث في النفوس الرغبة في الانطلاق والخلق والابتكار.
من فضلك وعلى كل المستويات شد سفونك على هكذا نماذج أسأت للوطن، وصدرت للجميع أننا لا نملك إلا هذا النمط من القيادات.
شد سيفونك ولا تخجل فالواقع، وكما يعلم الجميع مرير، فهذه القيادات تعرقل ولا تجدد، تجيد (البكش) في زمن لا ينفع فيه إلا العرق، تجيد الفتن في زمن لا يصح فيه إلا السلامة والأمان، تتميز (بالفهلوة) في زمن لا يعترف إلا بالإبداع، تحترف السرقة في زمن لا يؤمن إلا بالتضحية، تتقن الصعود على إنجازات الأخرين في زمن لا يصلح فيه إلا روح الفريق.
من فضك شد سيفونك وانطلق فسوف تستمتع برائحة طيبة، وممرات سالكة، وطاقات متفجرة وقدرات أقل ما توصف بالواعدة.
وأخيرا فإن أمة تعرف مكمن الداء، ولا تسعى لعلاجه هى أمة ينتظرها الكثير من الوقت حتى تصادفها العافية، ويكتب لها الشفاء.
أ.د/ عبدالرازق مختار محمود
أستاذ علم المناهج وطرائق التدريس بجامعة اسيوط
الوسومأ.د/ عبدالرازق مختار محمود
شاهد أيضاً
المحاكمات (التأديبات) الكنسية … منظور ارثوذكسى
كمال زاخرالخميس 19 ديسمبر 2024 البيان الذى القاه ابينا الأسقف الأنبا ميخائيل اسقف حلوان بشأن …