الثلاثاء , نوفمبر 19 2024
صلاح عبد السميع
دكتور صلاح عبد السميع عبد الرازق

قراءة فى تصريحات وزارة التربية والتعليم حول استبدال ثقافة الصراع بثقافة السلام فى مناهج الدراسات الاجتماعية .

قرأت تصريحاً في جريدة مصرية يوم الأربعاء الماضي الموافق 26 أكتوبر 2016 منسوبا إلى وزارة التربية والتعليم والى الوزير بشكل خاص ، يقول الخبر أن الوزارة استبدلت مفهوم السلام بدلا من مفهوم ثقافة الصراع فى مقررات الدراسات الاجتماعية ” هذا كما ذكرته جريدة المصري اليوم .
أود أن أشير هنا إلى أن من أهداف تدريس الدراسات الاجتماعية بشكل عام :
1. تقدير جهــود الإنسـان فـي مواجهــة التحديــات .
2. الاعتــزاز بـدور الوطــن فـي مواجهــة الأخطار .
2. تقــديـر دور الزعمـاء الوطنيـــون .
3. الاعتــزاز بتاريــخ الأجــداد .
4. تقديــر جهــود الشعــب المصري في صنــع تاريخـه.
من خلال قراءة تلك الأهداف العامة وهى جزء من كل ، يتبين أن مادة الدراسات الاجتماعية يجب أن تعرض لجهود الشعوب في مواجهة المحتل الغاصب للأرض ، وكذلك تعرض لدور الزعماء الذين بذلوا حياتهم من أجل الدفاع عن الوطن وعن استقلاله ، وإلا بماذا نسمى من خاضوا صراعا في مواجهة من احتل الأرض على مدار التاريخ المصري ؟
من منا يا سادة لا يرغب في تأصيل ثقافة السلام مع النفس أولا ، ومع الآخر ثانيا ، واسم الله تعالى السلام ، وتحيتنا في الدنيا سلام ، ومنطق العقلاء في ردهم إذا ما خطابهم الجاهلون قالوا سلاما، وتحية أهل الجنة السلام .
إن السلام مفهوم يحتاج إلى ممارسة قبل أن يحتاج إلى مدارسة، يحتاج الطفل أن يشعر بمعنى السلام والأمن من قبل المحيطين به ، يحتاج الأبناء في المؤسسة التعليمية إلى أن يشعروا بمعنى السلام من قبل إدارة المدرسة ،يحتاج المجتمع إلى أن يشعر بمضمون السلام المجتمعي من خلال خطاب متخذ القرار ، المجتمع الذي يثير فيه الإعلام الخصام المجتمعي ،هو إعلام موجه نحو تأصيل ثقافة الصراع يا سعادة الوزير ، الطفل الذي يشعر بتهديد معنوي من معلم فقد كل معاني العطاء وابتعد عن ممارسة رسالته ليتحول من معلم إنسان إلى “مقاول أنفار” ، كل همه هو أن ينهى يومه من الدروس الخصوصية ويسجل عدد التلاميذ الذين يطوف عليهم فى المنازل وفى “السناتر” .
وحتى لا يظلم المعلم القدوة لا بد من أنصاف كل من يعمل بإخلاص ،شعاره هو شعار الأنبياء ، “قل لا أسألكم عليه أجرا أن أجرى إلا على الله “هؤلاء وغيرهم غاب عنهم التكريم الدنيوي وابتعد عنهم متخذ القرار ،الذي لم يعد يشغله إلا تغير مفهوم الصراع العربي الإسرائيلي، عن أي صراع ،وقد تحول الصراع إلى العرب أنفسهم ، لقد نسي الأبناء فى المدارس مفهوم العدو وماذا يعنى ذلك ، غاب عنهم معنى الانتماء عندما فقدنا البوصلة .
لقد عشنا في طفولتنا وما زلنا نستدعى شهر أكتوبر لنشعر فيه بالعزة والكرامة ، لأنه شهر النصر على العدو ، نعم بقى أكتوبر في وجدان أجيال سابقة على انه علامة لصراع الحق مع الباطل ، صراع من اغتصبت أرضه ، ضد من انتهك حرمات الأرض ، غاب عن التعليم الهدف الأسمى من تعميق الانتماء للأمة وللوطن، وهنا أود القول لكل من يروج لإزاحة مفاهيم هي في الأصل واجبة الدراسة ومنها “ثقافة الصراع “نعم صراع الحق مع الباطل ،صراع الإنسان مع الشيطان ، صراع الخير والشر ، صراع السلام مع الحرب ،هذا سنن الله في الكون
ولكي نزيل اللبس حول دلالة المعنى اللغوي للمفهوم لنعرف إن كان واجب الدراسة أم لا ، ليعرف كل من يصرح دون وعى أنه قد أخطأ فى حق التاريخ وحق الوطن بل في حق نفسه باعتباره من أبناء هذا الوطن ، وإذا به يتنصل من تاريخه .
فما معنى الصراع لغة :
صراع:
جمع صراعات ( لغير المصدر ):
• – مصدر صارعَ .
• – خصومة ومنافسة ، نزاع ، مشادّة :- صِراعٌ طبقيّ : – صِراعُ الأجيال مستمرّ ، – هو في صِراعٍ مع الحياة ، – صِراع على السُّلطة ، – باءت محاولة إيقاف الصِّراع الدّامي بالفشل .
• – ( علوم الاجتماع ) تضارب الأهداف ممّا يؤدّي إلى الخلاف أو التصارع بين قوَّتين أو جماعتين .
• – ( علوم الاجتماع ) اتِّجاه يهدف إلى الفوز على الأفراد أو الجماعات المعارضة أو الإضرار بها أو بممتلكاتها أو بأيّ شيء ممّا تتعلَّق به .
• – ( علوم النفس ) وجود قوَّتين لدى الإنسان تحرّكان سلوكَه ، كلّ قوّة على النقيض من الأخرى .
• – ( علوم النفس ) حالة انفعاليّة مؤلمة تنتج عن النزاع بين الرغبات المتضادَّة وعدم قضاء الحاجات .
إذا الصراع في اللغة لا يعنى الحرب ، بل هو سنة كونية ، يعبر عنها من خلال التدافع ،فهناك صراع المصالح ، وهناك الصراع الطبقي ، وهناك أيضا صراع الأجيال ، وصراع الحق والباطل ، والخير والشر ، وفى علم الاجتماع يعرف بأنه تضارب الأهداف ، وفى علم النفس حالة انفعالية مؤلمة تنتج عن النزاع بين الرغبات المتضادة وعدم قضاء الحاجات .. الخ
كل ما سبق من المتطلبات التي يجب تناولها عند تدريس الدراسات الاجتماعية ، حتى يتعلم الأبناء من دروس الماضي ، وحتى تستقيم فطرتهم على الحق والعمل به ، وعلى الانتماء لله ثم للوطن .
وبشكل عام فإن مفهوم الصراع يختلف عن مفهوم الحرب ؟
فالصراع قد يكون ناتج عن الاختلافات في دوافع الدول وتصوراتها ، وأهدافها ، وتطلعاتها ، وفي مواردها ، وإمكانياتها وغيرها ، ويبقى الصراع بكل توتراته ، وضغوطه دون نقطة الحرب المسلحة ، ولكن تتنوع مظاهره وأشكاله ، فقد يكون سياسياً أو اقتصادياَ ، أو مذهبياً أو قد يكون حضارياً ، كما أن أدوات الصراع يمكن أن تندرج من أكثرها فاعلية إلى أكثرها سلبية ، ومن نماذجها على سبيل المثال : الضغط ، والحصار ، والتهديد والعقاب .
أما الحرب : فهي التصادم الفعلي بوسيلة العنف المسلح حسماً لتناقضات جذرية لم يعد يجدي معها استخدام الأساليب الأكثر ليناً أو الأقل تطرفاً ، ومن هنا فإن الحرب المسلحة تمثل النقطة النهائية في تطور بعض الصراعات الدولية .
هل أضحى مطلوب ممن يصنع مناهج التاريخ أن يحذف كل ما يتصل بصراع الحق والباطل ،نحذف سنن التدافع الحضاري ، وتلك سنن الخالق ، كيف إذا ندرس دور الشعوب في استعادة أراضيها ممن غزاها؟ كيف يمكن لنا أن نعلم الأبناء معنى الانتصار أن لم يدرسوا معنى العزيمة وتداعياتها؟
علينا أن نعى معنى السلام مع النفس ومع الآخرين من خلال ممارسات على ارض الواقع ، وعلينا أن ندرس للأبناء التاريخ الذي يؤصل لمعاني الانتماء والدفاع عن الحقوق المشروعة ، علينا أن نسعى إلى تأصيل ثقافة السلم انطلاقا من الوعي بالحقوق والواجبات ، نمارس السلم في حياتنا وواقعنا ، ونحافظ على هويتنا وأرضنا ضد اى مغتصب أراد لها شراً ، نستدعى ذكرى الماضي البعيد والماضي القريب ليكون النموذج حاضرا على الدوام متمثلاً في شعوب بذلت كل ما تملك من أجل تحررها ونهضتها في صراعها مع النفس ، وصراعها من اجل كرامتها وعزتها . وأخيرا نعم لثقافة الصراع المبنى على التنافس الشريف ، وعلى كل ما هو ايجابي من اجل مصلحة الوطن والأمة ، ونعم لتأصيل ثقافة السلام ، مع النفس أولا ومع أبناء الوطن الواحد ثانياً ، ومع شعوب الأمة ثالثا ، وشعوب العالم والإنسانية رابعا .
نعم لثقافة السلام لا لثقافة الوهن والاستسلام .

2

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

من يعيد وضع عتبات أبواب بيوتنا ؟!

كمال زاخر الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠٢٤ حرص ابى القادم من عمق الصعيد على ان يضع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.