بقلم/صلاح متولي
كان هناك مثل بلدي قديم يقول “إيه اللى رماك علي المر….. اللي أمّر منه ” كلما تأملت معاني هذا المثل القديم كلما وجدت ألف مبرر لأفعال لم يكن لها مبررات من قبل فعلي سبيل المثال ما الذي يدفع شاب في مقتبل العمر إلي الهجرة وترك أهله وأصحابه ما الذي يدفعه بأن يخاطر بحياته وهو يعلم أن إحتمالات النجاة قليلة ما الذي يجعله يتناسي كل الأخبار الواردة إلينا والتي تقول “غرق مركب وعلي متنها عدد كذا من الأشخاص …… وخبر آخر الشرطة تضبط ثلاث عبارات كانت في طريقها للهرب والهجرة غير شرعية.
حتى عندما يصل الشاب بكل أمان وسلام إلى الدولة المقصودة فلن يلقي نفس الرعاية والإهتمام اللذان يجدهما في وطنه……
كل ما سبق أيها السادة الأفاضل يدور بالفعل في عقل كل شخص فينا ولا يفارق أي عقل ولكن عندما نجد أن الشباب مقبل علي فكرة الهجرة الغير شرعية وبأعداد كبيرة جداً ضار بين بكل ما سبق عرض الحائط إذن هناك سبب قوي دفعهم للقيام بهذه الخطوة وقبل أن نظلم هؤلاء الشباب لابد أن نبحث وبكل شفافيه عن الأسباب الحقيقية التي تدفع هؤلاء الشباب للإقدام علي مثل هذه الأفعال…………
تعالوا معي أيها السادة الأفاضل لنري بعض هذه الأسباب ولنكن واقعيين ومحايدين في سرد هذه الأسباب . هنا في وطننا الغالي لا مكان للفقير سواء كرعاية صحية أو معيشة آدميه أو خلافه والفقير يعلم هذا تمام العلم لأنه من خلال فقره تأكد بنفسه أنه لا يوجد هنا من يرعاه أو يذكره فهو منسي بفعل فاعل …. فهذا البلد العظيم قد تم تقسيمه كما تفعل الدول المحتلة قديماً ولقد درسنا في كتب التاريخ أن بريطانيا وفرنسا كانتا تقتسمان خيرات الدول العربية فيما بينهما بالتبادل وكأنه الميراث الذي ورثوه .وكذلك الحال هنا في مصر .
فخيرات هذا الوطن مقسمه بين رجال الأعمال وذيولهم الذين يعاونوهم سواء كانوا في السلطة أو خارج السلطة ومن الطبيعي في عالم المال أن يحافظ كل شخص علي أرباحه وأن يحاول زيادتها وعلي أتم الإستعداد بأن يفعل كل شئ في سبيل المحافظة علي مكاسبه وهو غير مستعد مطلقاً أن يفقد أي جزء ولو يسير من هذه المكاسب علي الرغم من أن هذه المكاسب قد حصل عليها بدون وجه حق..
فهو اشتري قطعة الأرض بأ بخس الأسعار الغير عادله ةهذه الأرض بها مرافق كاملة ويقوم بعد ذلك إما بالإستثمار عن طريق إقامة مباني أو مصانع تابعه له أو إعادة بيعها بأسعار فلكية وفي الحالتين هو غير خاسر وفي الحالتين أيضا هو لا يدفع ضرائب ……….
وكيف ننتظر من اللص أن يسدد حق الدولة ؟ وقد يدور في خُلد أحدكم سؤال وهو أين وكيف حصل هذا الشخص علي كل المزايا السابقة؟
وهنا هو بيت اللغز ….. هؤلاء الرجال قد يكون لهم معاونين في السلطة يسهلون لهم كافة الخدمات في مقابل إقسام الربح أو مقابل هدايا عينيه ثمينه . هذا علي سبيل المثال لو نظرنا إلي المجال العقاري فقط وتأملوا معي في المجالات المختلفة والتي تمثل العصب في هذا الوطن فلو نظرنا لمجال الصناعة سنجد نفس المافيا بأسماء مختلفة ولو نظرنا لمجال الزراعة والتجارة والصحة ولتعليم ..إلخ
سنجد أنها شبكة عنكبوتية تتحكم في مصير البلد وفي ظل هذا الجشع والطمع الغير مبرر لا يسعنا سوي السؤال . أين هي الأجهزة الرقابية من كل ما يحدث في مصر؟ للأسف الشديد أيها السادة الأفاضل فإن الأجهزة الرقابية في مصر قد تكون مخترقه هي الأخرى
من منظومة الفساد فلا يوجد في مصر جهاز رقابي قادر علي مواجهة مافيا الفساد وأيضا لا يوجد نية حقيقية للقضاء علي الفساد…..
وكل ما تم نشره أو التنويه إليه ما هو إلا شووووووو إعلامي فقط لكسب تعاطف الشعب أو بمعني أوضح هو تضليل الشعب وإسكاته.
وقد لاحظنا جميعاً بلأمس القريب أن رئيس أحد الأجهزة الرقابية عندما حاول التلميح بوجود فساد قامت الدنيا ولم تقعد وكشر الفساد عن أنيابه وإستخدام عيونه ومعانيه من الأعلام لتشويه وتحريف كلمات هذا الرجل وتم إخراج الكلمات عن سياقها والخروج عن المضمون حتى تمت الطاحة لهذا الشخص وأنتصر الفساد مرة أخرى وتم إقفال المحضر في ساعته وتاريخه ضد مجهول….
وبنفس المنطلق من يحاول مرة أخرى أن يقترب من إمبراطورية الفساد فسيلقى نفس المصير الذي نعلمه جميعاً لمن يحاولون الإصلاح …. وفي ظل هذا المناخ الذي يسيطر فيه الفساد علي الإعلام وعلي مفاصل الدولة هل من الممكن أن يجرؤ أي شخص مهما كان أن يوجه النظر نحو الطبقة الفقيرة الكادحة التي قاربت علي الموت والتي تستغيث بلا رحمة …..وهذه الطبفة الفقيرة المعدومة ..
هي النواة لهؤلاء الشباب الذين تحدثنا عنهم في بداية المقال هؤلاء الشباب لا يجدون عمل ولا يجدون من يحنو عليهم أو يسمعهم ويعرفون تمام المعرفة أنهم لا مستقبل لهم في هذا الوطن بعدما سيطر الفساد وإستشرى في كل قطاعات الدولة وأن صوتهم لم يعد مرغوباً في خِضَمْ الاختلافات العجيبة التي تحدث بلا تنبؤ في هذا الوطن ..
وأعلم جداً أيها الأفاضل أن مقالي هذا قد اشتمل علي عدة موضوعات كل موضوع منها يحتاج إلي مجلدات ولكن وددت أن افتح الباب للدخول إلى هذا العالم المظلم ومحاولة الوصول إلى حلول وأعود وأكرر لن ينصلح حال الوطن بدون وجود نية حقيقية للإصلاح وبدون الالتفاف والترابط في مواجهة منظومة الفساد التي تأكل الأخضر واليابس في هذا البلد وأي أن الحرب علي الفساد قد تأخذ عدة سنوات للوصول إلى نتائج مرجوة وأنه لا يجب أن نيأس في طريق محاربتنا لهذا السرطان والأهم من عدم اليأس هو إكمال أي طريق نبدأه لأننا لو ظللنا نفتح أبواب ونتركها فإن ذلك من شأنه أن يدعم الفساد وليس العكس وحتى نستطيع المحافظة علي الشباب الذين هم دعامة هذا الوطن ولو نظرنا إلى الدول المجاورة والدول الأوروبية وكيفية تعاملهم مع طبقة الشباب سنرى أننا نظلم هذه الطبقة التي وإن تم استغلالها الاستغلال الأمثل سيتغير الوضع للأفضل وسيتحقق جميع أهدافنا في طريق التنمية الحقيقية والتي ستعود علي جميع المواطنين بالخير فبدلا من هذه الإجراءات التي تهدف إلى تشويه الشباب وتصويرهم بأنهم غير صالحين وأنهم لا يريدون مصلحة الوطن وأنهم غير متعاونين بدلاً من كل ذلك يجب الدخول إلى عقول هؤلاء الشباب لمعرفة فيما يفكرون وما هي متطلباتهم المعيشية… وبالمنطق أيضاً كيف لنا أن نطالب هؤلاء الشباب بواجبات في حين أنهم لم يحصلوا علي أدنى حقوقهم في بلد من المفترض أنه وطنهم وملاذهم ؟ ثم نأتي في النهاية ونقول بأن هؤلاء الشباب يهربون ويتركون وطنهم …
أيها السادة هؤلاء الشباب لا يتركون أوطانهم ويضحّون بمستقبلهم وحياتهم سوي لمحاولة البحث عن العيش الكريم الذي وإن وجدوه في أوطانهم فلن يتركونها أنقذوا ثروات هذا الوطن أنقذوا وقود التقدم والتنمية فبدون الشباب لن نخطو خطوة واحدة نحو ما نحلم به ….. والله الموفق والمستعان……
حفظ الله مصر شعباً وجيشاً .