دائما ما ينظر المصريين بالداخل الى المصرى المغترب بأنه مجرد بنك متنقل لا يشعرون بما يعانى منه من آلام الغربة والبعد عن الأهل والأبناء والأصدقاء ، الفرحة الوحيدة بالنسبه له حينما يجتمع مع مصريين مثله فى بلد الغربة ، وهى مجرد لحظات ولا تدوم ، فلا يجد أمامه سوى العمل ثم العمل حتى لا يتذكر أهله أو بلده ، وتمر السنوات تلو السنوات وهو يدور فى دوامة الغربة مثل النجوم والكواكب وهى تدور فى مجرتها الشمسية دون كلل أو ملل ، ويزيد من عذابه حينما تأتى الطعنة من الأهل وتنفرد الأهرام بنشر قصة شاب مصرى مات كمداً نتيجة طعنة جاءت له من الأهل ، ذلك الشاب الذى انتشرت تفاصيل وفاته بين أبناء الجاليات المصرية بصورة كبيرة فأبكت جموع الجاليات المصرية بالخارج
أنه ” محمد ” المصرى المغترب بالسعودية والذى ترجع جذوره الى مدينة المنصورة ، ظل محمد خمس سنوات فى السعودية يكافح فى عمله من أجل جمع المال لكى يتزوج مثله مثل أى شاب مصرى فى الغربة ، قام بإرسال جميع ما جمعه من مال الى أخيه ، لكى يقوم ببناء شقة له ليتزوج فيها حينما يعود الى وطنه ، وهنا كانت المصيبة الأولى لمحمد حيث قام شقيقه بأخذ أمواله وقام ببناء شقة لنفسه وتزوج فيها هو ، دون مراعاة لأخيه المغترب ، وحينما عاتب “محمد” أخيه على ما قام به ، فكان الرد القاسى “أنت ملكش حاجة عندى” تعب محمد وكره العمل ، وكفيله كان شخص صعب جدا لم يراعى ظروفه النفسية ، ولم يتركه لينزل مصر حتى يحاول استرداد ماله من أخيه ، ظل محمد بالغربة بدون عمل وكان اصدقائه فى الغربة يقومون بمساعدته .
استمر الحال لعدد من السنوات حتى وقعت الكارثة الأكبر لمحمد ، أو كما نقول عليها نحن ” القشة التى قسمت ظهر البعير” حينما توفى والده ، فأخبره أخوته أنه ملهوش ورث معاهم لأنه بالسعودية ، حزن محمد ولم يحتمل هذا الحزن مات ودفن بالسعودية بعيداً عن وطنه لم يجد من الأهل أى حب أو مشاعر ود وأخوه ، مات “محمد” ودفن غريباً بالسعودية تاركاً الحزن والآلم لأصدقائه أصبحت تفاصيل حياته تتناقلها صفحات وجروبات الجاليات المصرية بالخارج .