الثلاثاء , ديسمبر 24 2024
جمال رشدى
جمال رشدى

الكنيسة والأنتخابات بين الأضرار والإيجابيات .

بقلم جمال رشدي الكاتب والسياسي
بداية من السبعينيات وامام المتغيرات التي قادها السادات ضد الهوية المصرية ارغمت الكنيسة علي الانسحاب للخلف خطوات بعد ان كانت جزء من تركيبة الجسد الوطني وثقافته ومع تمدد ثقافة التطرف ضد الهوبة المصرية انزوت الكنيسة داخل اركان وزواية تلك الهوية ومع مرور الوقت انقرضت الرموز القبطية التى كانت جزء من طليعة المجتمع الثقافية والاجتماعية

وبدأ الشعب القبطي رويدا رويدا يصبح حبيس أسوار الكنيسة ومع التجريف والتجريد الكبير لثقافة وفلكلور الشخصية المصرية في عهد حسني مبارك نتيجة لتدمير مؤسسات التعليم والعلم والثقافة .وتقويض ركائز العمل الاجتماعي وانحلال قوة وتماسك الأسرة والعائلة وانتشار دوافع النفاق والتسلق والمحسوبية كأدوات مساعدة لتبوء مراكز المسئولية في المجتمع اجتماعيا وسياسيا وتنفيذيا وتغليف تلك الادوات بثقافة العنصرية ليس الدينية فقط بل أيضا الاجتماعية والبيئية كل ذلك ادي الي محاولة قيام الكنيسة بدور مؤسسات الدولة الاجتماعي والسياسي وايضا الثقافي .

ومع عدم امتلاك رجال الكنيسة لأدوات ذلك الدور لعدم الاختصاص وايضا بسبب الهيكل التنظيمي والثقافي الذي يحكم الوضع داخل الكنيسة والمستمد من فكر وروح الرهبنة المصرية القائم علي النسك والانعكاف والعزله والفكر الروحاني .

كل تلك العوامل الكنسية والاجتماعية أدت الي انقراض الرموز القبطية من العمل الاجتماعي والسياسي واصبحت الكنيسة ككيان ديني تمثل تلك الشخصية وترشحها عند البحث عنها .

ففي معترك العمل السياسي والخاص بالانتخابات النيابية او المحلية تجد الكنيسة هي المرجع يكاد يكون الوحيد للتعامل مع ذلك الحدث فعند قيام حزب سياسي أو قائمة انتخابية كما حدث في الانتخابات البرلمانية الماضية بالرغبة في ضم أقباط للترشح يلجأون الي الكنيسة لاختيار أحد الأقباط ومع عدم امتلاك رجال الكنيسة الرؤية السياسية والثقافية للحدث فتكون اختياراتهم قائمة علي ابن الطاعة تحل عليه البركة فيتم اختيار الشخص الأقرب لحضن الكنيسة والذي يتصف بالهدوء والتواضع وربما التسليم الكامل لرجالها وفي الغالب يكون هذا الشخص ليس له خبرات في العمل الاجتماعي او السياسي او الثقافي وليس لديه رؤية في كيفية التعامل مع مشاكل المجتمع وثقافته المتنوعه ولا في كيفية مواجهة ثقافة التمييز الذي ضربت ثقافة الهوية المصرية نتيجة للعوامل التي ذكرناها يترشح ذلك الشخص متواكلا علي دعم رجال الكنيسة له ويخرج الي معترك التشابك مع المجتمع في مرحلة الانتخابات . ونتيجة لعدم ثقافة التعامل الاجتماعي فيركز تحركاته وتعاملاته مع الاقباط فقط هنا يساهم في حالة الاستنفار في

التصويت الطائفي وايضا يرسخ لحالة التميز والانقسام والتصويت الطائفي في المجتمع . ولا ننكر ان تلك الحالة موجوده في ثقافة الناخب المصري عموما لكن تدخل الكنيسة وتذكيتها وتبنيها لمن هم غير قادرين علي مجابهة تلك الحالة يساعد علي تفاقمها وتعقيدتها . ناهيك عن حالة الاحباط والتدمير النفسي التي يصيب بعض المرشحين الأقباط والذي لم تساعدهم الكنيسة او تدعمهم

وفي الغالب الأشخاص الأقباط الذين لديهم بعض الرؤية في كيفية التفاعل والتعامل الثقافي والاجتماعي والسياسي مع ذلك الحدث وهم الأجدر بتمثيل الأقباط في ذلك المعترك . ليساهموا في ردم فجوة ثقافة التميز وتخفيف حدة الاستنفار الطائفي في التصويت . يمتنعون ويختفون من المشهد نتيجة لعوامل عدة. منها ثقافة

اختيار الكنيسة للأشخاص وايضا ثقافة الناخب القبطي الذي في معظم الأحوال يكون تابع لإرشادات رجال الكنيسة . وما يزيد الأمر تعقيدا هو توجهات الدولة منذ العهود السابقة التي ترغب بل وتريد أن ينحصر الأقباط سياسيا واجتماعيا داخل أسوار الكنيسة ليكونوا تحت إدارة سلطة الكنيسة فقط وليسهل عليها طريقة التعامل والتعاطي مع قضاياهم.

ولكن مع ما حدث في 25 يناير وخروج الأقباط الي الشارع رغم رفض الكنيسة للخروج ومع ثورة 30 يونيو ظهرت بوادر ولو ضعيفة بأن هناك تفاعل قادم بين الأقباط والمجتمع يعيدهم مرة اخري الي زخم العمل الاجتماعي والثقافي والسياسي. ومع رؤية النظام الحالي ووجود ارادة لديه بمحاربة ثقافة التميز والعنصرية وإدخال المصريين في بوتقة الانصهار الوطني والعدالة الاجتماعية ونتيجة للموروث الثقافي الكبير لثقافة التميز فهناك عمل طويل لابد أن تقوم به الدولة والمجتمع المدني لتقويض تلك الثقافة والتغلب عليها .

ناهيك عن دور الكنيسة الذي لا أطالب بمنعه نهائي لصعوبة ذلك في الوقت الحالي بل اطلب منها ان تحسن الاختيار و تستعين بمن هم لديهم القدرة والمقدرة ولديهم أدوات التفاعل مع الحدث الإنتخابي اجتماعيا وثقافيا يساهمون في ردم فجوة التميز والاستغفار الطائفي في التصويت. وأيضا استبعادها عن توجيه الأقباط علي من يصوتون .بجانب قيام الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني بضم كوادر قبطية لانخراطها في العمل السياسي والاجتماعي لتكون قاطرة يمكن ان تساعد وتساهم في جر الأقباط من داخل أسوار الكنيسة والانصهار في المجتمع المصري والتفاعل مع معطياته وثقافته …. وعلي الدولة ان تساهم في ذلك بمحاولة عدم التركيز في تعاملاتها مع القضايا القبطية مع رجال الكنيسة فقط بل ايضا ضم بعض الرموز القبطية الوطنية في تلك القضايا …

شاهد أيضاً

تفاصيل الحكم النهائي الصادر في حق القاضي قاتل زوجته “المذيعة شيماء جمال”

أمل فرج  أصدرت محكمة النقض المصرية، الاثنين، حكمها النهائي بإعدام المتهمين أيمن عبد الفتاح، و …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.