بقلم: مدحت عويضة
أقباط المهجر هي جماعة مصرية وطنية أسسها الراحل الدكتور سليم نجيب مع الراحل الدكتور شوقي كراس. كان سليم نجيب هو صاحب فكرة تكوين أول منظمة قبطية في المهجر سنة 1968 ثم دفع شوقي كراس لتكوين الهيئة القبطية الأمريكية.
وتوالي في تشجيعه للأقباط فكان وراء تأسيس الهيئة القبطية الفرنسية والأسترالية وغيرها من تاريخ حافل قام به شخص وطني غيور عشق بلده وتمني أن يري بلاده تنعم بالحرية ورحل دون أن يري الحلم لكنه ترك أخلص الرجال للأقباط ولمصر يعملون بكل ما يملكون من قوه للدفاع عن الأقباط.
بحكم الأهمية الاستراتيجية لواشنطن كان شوقي كراس هو نجم الحركة القبطية في المهجر وكان رجلا من أخلص وأشجع الرجال. ثم شعر عدلي أبادير بأهمية أن يلعب دورا بعد رحيل كراس ويقال أن السبب في ظهور أبادير علي الساحة هو رحيل كراس وأن عدلي كان الداعم الرئيسي لكراس فتولي المسئولية كاملة بعد رحيلة لينقل النشاط القبطي لمرحلة متقدمة جدا معتمدا علي الوسائل التكنولوجية المتطورة مؤمنا بالإعلام وأهميته. ثم تأتي مرحلة منظمة التضامن القبطي التي أحدثت نقلة نوعية كبيرة في العمل المهجري معتمدا علي مخاطبة العالم وعلي العلاقات المباشرة مع صانعي القرار في واشنطن.
أقباط المهجر جماعة تأسست ضد الظلم الذي يتعرض له المصريون الأقباط. ولكن مع ثورة يناير حدث تغير نوعي في أداء الحركة القبطية في المهجر. فقد أصبحت تعمل في إطار الجماعة المصرية الوطنية المطالبة بالدولة المدنية. وكان للحركة دور كبير في كندا وأمريكا واستراليا وأوروبا في عصر الإخوان وفي ثورة 30 يونيه. وقد كنت شاهد علي مؤتمر منظمة التضامن القبطي الذي عقد في واشنطن قبل ثورة يونية بأسبوع واحد وكان تمهيدا للثورة. وقد أبلي أعضاء منظمة التضامن القبطي بلاء حسنا لتوصيل رسالة للأمريكان أننا سنزيح الإخوان من الحكم. وعلى هامش الاجتماع اشتبكت أنا شخصيا مع مساعد وزير الخارجية الأمريكي بسبب موقف سفيرتهم في القاهرة وعندما رد بأن سفيرتهم لا تدخل في الشأن المصري رديت عليه بالقول ” أن عليها أن تخرس إذا” طالبته بإخراس سفيرتهم وانا في قلب الكونجرس الأمريكي.
خرج أقباط المهجر في مظاهرات 30 يونية مع المصريين جميعا في الغرب وكانت مظاهراتهم صاخبة وذات تأثير أقوي من مظاهرات التحرير. خرجوا أيضا في مظاهرات التفويض. ثم قدموا المساندة السياسية الكاملة للثورة المصرية وعقدت الهيئة القبطية الكندية مؤتمرها داخل البرلمان الكندي ثم توالت اللقاءات مع قيادات المهجر المسئولين الغربيين لدعم الثورة ونجح المصريين بالخارج في تغيير نظرة الغرب للثورة. ثم كان التأييد الكامل لانتخاب السيسي وخروج المصريين في الغرب للتصويت بالألف وقطع ألاف الأميال للوصول لصندوق الانتخاب. في سنة 2014 كانت زيارة السيسي الأولي لنيويورك وخرج أقباط المهجر مع باقي المصريين للترحيب بالسيسي في نيويورك والوقوف معه ضد الإخوان المتربصين به
ما أكتبه ليس تاريخا بل هو أحداث عشناها جميعا وكلنا شهودا عليها ويظهر فيها بجلاء حسن نية أقباط المهجر. ثم بدء مع نهاية 2014 شعور أقباط المهجر بتسرب الأمل مع شعورهم برغبة النظام في التخلص من القيادات المدنية في مصر والاعتماد علي رموز دولة مبارك بل واسلوب مبارك في الحكم. التخلص من شباب الثورة ووصفهم جميعا بالخونة وجاء تعاون النظام مع السلفيين ليذكرهم بتعاون السادات مع الإخوان في السبعينات. ثم كانت الأحداث الطائفية وطريقة معالجتها بالجلسات العرفية لتقضي علي باقي الأمل لديهم. ظل أقباط المهجر في المنطقة الرمادية طيلة 2015 فلا معارضة ولا تأييد للنظام والاكتفاء بموقع المشاهدة والترقب ليكون شهر يوليو 2016 هو بداية إعلان أقباط المهجر معارضتهم للسيسي بإعلان منظمة التضامن القبطي عن أول مظاهرة ضد نظام السيسي أمام البيت الأبيض في مطلع شهر أغسطس الماضي، ثم الإعلان عن عدم خروجهم للترحيب به في زيارته لنيويورك في سبتمبر.
أحداث المنيا كانت نقطة الفصل في العلاقة بين أقباط المهجر والنظام. ثم أكملت بقانون بناء الكنائس الذي يرونه أنه امتداد لشروط العزبي وأسموه قانون منع بناء الكنائس. معارضة أقباط المهجر لقانون بناء الكنائس أتت علي أساس أن أي دولة يخصص فيها قانون لبناء دور عبادة لأحد الطوائف هي دولة عنصرية. فهم يحلمون أن تكون هناك إجراءات واحدة لبناء أي مكان مخصص للعبادة لأي دين أو طائفة بما فيهم الشيعة والبهائيين وغيرهم كباقي دول العالم المتحضر.
مما سبق يتضح أن السيسي خسر أقباط المهجر وضحي بهم بسبب تعاونه مع السلفيين. فضحي بقوة سياسية دعمته في العالم كله في مقابل قوي يجتمع رموزها معه ويظهرون دعمهم له بينما اتبعاهم يمارسون الإرهاب ضد أفراد الجيش والشرطة بل أن اتباعهم هم من قاموا بالإرهاب كتفا بكتف مع الإخوان المسلمين منذ 30 يونيه وحتي الآن. السيسي هو المسئول وحدة عن تحول أقباط المهجر من التأييد له للمعارضة فهل يستطيع أن يعدل أخطاءه هل يستطيع أن يعيد الأمل لهم في دولة مدنية كم أتمنى ولكن ليس لدي أمل في ذلك.