تسبب تأخّر الرواتب في مستشفى سعد التخصصي في مدينة الخبر أحد أكبر المستشفيات التخصصية في المنطقة الشرقية، في تكرار إضراب موظفي المستشفى من الكادرين الصحي والإداري عن العمل، ووقعت مشادات كلامية واشتباكات بالأيدي بين العاملين في المستشفى وحراس الأمن، أمس، بعد أن انتزع أمن المستشفى لافتات المحتجين الذين عبروا من خلالها عن معاناتهم وسوء أحوالهم بسبب تأخر رواتبهم لأكثر من ثلاثة وأربعة أشهر متواصلة، وناشد موظفو المستشفى الجهات المختصة بالتدخل السريع وحل أزمة رواتبهم نظرًا لما يعانيه بعضهم من ظروف مادية قاسية.
* ليس الإضراب الأول
لم يكن هذا الإضراب الأول من الكادر الطبي والإدراي، وقال موظفو مستشفى سعد التخصصي في مدينة الخبر لـ”عين اليوم”: إن عدد مرات إضرابات الموظفين تجاوزت الـ15 إضرابًا، مشيرين إلى أن أول إضراب كان في شهر 10 عام 2015 عندما اقتطعت إدارة المستشفى نصف رواتب الموظفين دون العودة لهم أو إعلامهم بشكل رسمي وعلى أثره فُصل أحد الموظفين، وهدأت الأمور لفترة بسيطة ثم تكررت عمليات الإضراب عن العمل.
وأوضح الموظف أحمد صالح أن الإضراب لا يزال متواصلًا في العيادات الخارجية رغم التهديدات التي تصل لبعض الأعضاء بحرمانهم من مستحقاتهم، أما داخل أقسام التنويم فلا يزال العمل متواصلًا بهدف إنساني من الأطباء.
* بداية المشكلة
وأشار موظفو المستشفى إلى أن مشكلة مستشفى سعد التخصصي بدأت عام 2009 بالقضية الشهيرة بين عائلة القصيبي وعائلة الصانع، والتي ألقت بظلالها على الوضع المادي لمجموعة سعد، مما أثر بشكل كبير على الوضع المعيشي للموظفين بشكل مباشر، بسبب أزمة تأخير الرواتب، واستمرت الحالة غير مستقرة إلى عام 2015، ثم بدأت الكوارث المادية بالظهور للعيان مجددًا في شهر 3 من عام 2015 لتوقف تجديد الإقامات للموظفين الأجانب، وخيرهم المسؤولون بين الانتظار لحين توفر المبالغ المالية أو أن يجددوها بأنفسهم على حسابهم الخاص، ولأن وضعهم داخل المملكة أصبح غير قانوني ومحفوف بالمخاطر رغم أنهم من حملة الشهادات العليا والخبرات النادرة، اضطر بعضهم إلى تجديد إقامته على حسابه الخاص.
* توقف صرف البدلات
ومنذ شهر 6 عام 2015 توقف صرف البدلات من سكن وعلاوات اختصاص وصعوبة عمل ومواصلات للموظفين السعوديين والأجانب، وفي شهر 10 من نفس العام اقتطعت نصف رواتبهم دون إنذار مسبق أو سبب معلن، وبعد الاقتطاع وعدتهم الإدارة بدفع المستحقات والرواتب المخصومة في شهر مارس 2016، لكن ذلك لم يتحقق واستمر المستشفى في تأخير الرواتب، حتى وصل الموظفون الآن إلى وضع غير قابل للاحتمال، وكان إضرابهم الأخير أقوى مما سبق، مشيرين في الوقت نفسه إلى أن المستشفى بات عاجزًا عن شراء المواد الطبية الضرورية لسلامة المرضى ورعايتهم.
* ثلاث شرائح
وفي السياق، انقسام الموظفين إلى ثلاث شرائح فيما يخص تأخر صرف الرواتب: الشريحة الأولى من كانت رواتبهم أقل من خمسة آلاف ريال، وهؤلاء رواتبهم متأخرة لمدة شهر تقريبًا، والشريحة الثانية من تصل رواتبهم حتى 10 آلاف ريال وهؤلاء لم يتسلموا رواتبهم لمدة شهرين، والشريحة الأخيرة من تصل رواتبهم حتى 25 ألف ريال وآخر تسلم لهم كان قبل ثلاثة أشهر، أما من كانت رواتبهم أعلى من ذلك فيتسلمون الراتب كل أربعة أشهر، حيث تسلموا يوم الخميس الماضي راتب شهر 5 ويتوقع أن يتسلموا راتب شهر 6 بعد شهر.
* حرمان من المستحقات
وبحسب ما ذكره الموظف حسام عبدالهادي لـ”عين اليوم” أي موظف يقرر الاستقالة لا تدفع له مستحقاته ولا يعطى شهادة الخبرة ولا يُوافق على توقيع خروجه النهائي إلا إذا وقّع أنه تسلم كامل حقوقه، ورغم ذلك أغلب الموظفين الذين استقالوا لم تدفع لهم مستحقاتهم حتى الآن.
وفي سياق آخر، قال الموظفون إن عددًا منهم صدموا من تعامل مكتب العمل بالشرقية، بعدما قدموا شكوى بهذا الخصوص، مبينين أن مكتب العمل قال لهم إن عدد الشكاوى التي وردت لهم ضد المستشفى تخطت الـ200 شكوى، معتبرين أن الشكاوى الجديدة لن تؤثر إلا في زيادة أعدادها.
* أسباب تواجد الأطفال مع الموظفين
وكان مقطع إضراب موظفي المستشفى قد انتشر على مواقع التواصل، وظهر فيه بعض الأطفال يحملون لوحات بمطالب المحتجين، وكشف أحد الموظفين أن هؤلاء الأطفال كان والدهم يعمل في المستشفى لأكثر من 10 سنوات وتوفي ولديه مستحقات لكن المستشفى منذ سنة تقريبًا يماطل في دفع التعويضات ويقسطها على 12 دفعة، أما بقية الأطفال الآخرين فعجز ذووهم عن دفع أقساط مدارسهم.
* أهم مطالب المحتجين
وتطرقت مجموعة من الموظفين أثناء حديثهم مع “عين اليوم” للحديث عن أبرز مطالبهم حتى يتوقفوا عن الإضراب ويعودوا إلى عملهم بشكل نظامي، ومن أهمها: إيداع جميع رواتب الموظفين ودفع كامل مستحقات نهاية خدمة المستقيلين من العمل وعدم مساومتهم أو تجاهل حقوقهم، وتوفير المواد الطبية اللازمة بأعلى جودة للعناية بالمرضى، وتوفير كوادر طبية بدل الأطباء المستقيلين، والالتزام بموعد ثابت لإيداع الرواتب.
يذكر أن مستشفى سعد التخصصي من أشهر المستشفيات الخاصة بالمنطقة الشرقية من حيث الكفاءة والبنية التحتية لمبناه الضخم الذي يتجاوز عدد أسرته 1000 سرير، مما دعى إلى استنفار عدد كبير من المغردين عبر “تويتر”، حيث عبر بعض الموظفين وأسرهم عن معاناتهم وسوء أحوالهم عبر عدة هاشتاقات من ضمنها “# إضراب _موظفين_مستشفى _سعد”، و”#إضراب_موظفين_سعد4″، ويتبع المستشفى مجموعة سعد التي تدير أعمالًا متنوعة في الخليج وتستثمر في دول عدة حول العالم، وتعود ملكيتها لرجل الأعمال معن الصانع، وكانت المجموعة الجديدة انفصلت عن مجموعة القصيبي السعودية عقب الأزمة المالية العالمية عامي 2008 و2009.
وتواجه شركات سعودية كبرى أزمات مالية حادة، لا سيما شركات المقاولات، تنعكس على رواتب عشرات الآلاف من موظفيها.