عندما نريد أن نعرف سر النجاح، نسأل على الفور؟ ماذا تريد؟ أين تريد أن تصل؟ ما مرادك؟ ما غايتك؟ أين ترجو أن تكون؟
وإذا كانت الإجابة واضحة محددة، وشافية فأبشر بالنجاح، وإن كانت مشوشة، باهتة، أو غائبة؛ فحتما نصيبك هو الفشل.
تلكمو هي الأهداف، وهي المرمى، وهي المقصد، وهي الغاية التي يسعى صاحبها للوصول إليها بأساليب وضعها واختارها لنفسه، في ضوء إمكاناته وقدراته ومتطلباته.
والمتمكن هو من يضع الأهداف الصحيحة في الأوقات الصحيحة مع الأشخاص المناسبين، وهو ما يعبر عنه أهل الاختصاص بقولهم: أن تكون الأهداف:
– قابلة للقياس الكمي : إذ يفضل أن تخضع الأهداف إلى القياس الكمي قدر الإمكان، حتى يمكن التحقق من الوصول إليها
– واضحة وقابلة للفهم : يفضل أن تكون الأهداف واضحة ومفهومة وخاصة لكل من واضعيها ومنفذيها، ويفضل الكثيرون أن تكون الأهداف مكتوبة، وبلغة واضحة ومتعارف عليها للجميع.
– أن تتسم بالموضوعية والواقعية : يفضل أن تكون الأهداف موضوعية وقابلة للتحقيق، وتمثل مصالح مختلف الأطراف بصورة عادلة ولا تميل إلى ” الذاتية ” أو تتأثر بالأشخاص والمصالح.
– زمنها محدد: يفضل أن يتم ربط الأهداف بعنصر الزمن أي ترتبط بمواعيد زمنية محددة لها بداية ونهاية معلومة، ولهذا يقال هدف استراتيجي ذلك الذي يتم تغطيته في مجال زمني واسع، ويقال خطط طويلة الأجل ( من 5 – 10 سنوات تقريباً )، وخطط متوسطة الأجل ( 2 – 5 سنة تقريباً )، وخطط قصيرة الأجل ( في حدود سنة تقريباً )، ولكل نوع من هذه الخطط الأهداف التي يتم السعي إلى تحقيقها .
والأهداف فوق أنها تساعد على إنارة الطريق في كافة مراحل حياتنا هي أيضا
– تساعد على اختيار ووضع الخطط المناسبة
– تساعد على تنسيق وتنظيم وتوجيه العمل؛ لتحقيق الغايات الكبرى.
– تؤدي دوراً بارزاً في تطوير السياسات وتوجيه العمل لأي مجتمع.
– تساعد بصورة أو بأخري أن يسير التنفيذ بصورة جيدة .
– تساعد أيضا في وضع آليات مناسبة لتقييم وتقويم العمل في كافة مراحلة.
– تعد معياراً أساسيا لاتخاذ قرارات عقلانية وعملية خاضعة للفحص والتجريب
– عندما تكون واضحة ومحددة ومناسبة فهذا يساعد على عدم إهدار الوقت والجهد والمال.
– وضوحها يتيح إمكانية فتح قنوات تواصل واضحة بين المسؤولين
ومن هذا المنطلق فإن أشخاصاً بلا أهداف هم أشخاص يهدرون أعمارهم ويعيشون حياتهم كاملة دون أن تتحقق أحلامهم، وأية أمة لا يكون لها أهداف واضحة ومحددة وقابلة للتنفيذ، كمن يمشي في طريق لا نهاية له أو موقع لا عنوان له حيث يقول المثل الصيني( إن لم يكن لديك هدف فكل الطرق تؤدي إلى هناك) وهناك هو المجهول بعينه.
وكما يقول أحدهم: إن فقدان الهدف يعني فقدان محور الحياة، ومن دون المحور يكون وضع الإنسان مضطربا في داخل نفسه، وفي تصرفاته، وفي علاقاته مع الأخرين، مثلما الأمر في الذرة عندما تفقد نواتها، فتضطرب حركة الإلكترونات وتضل مسيرها فتصطدم وتفجر بقية الذرات.
إن الضياع في حركة الحياة تساوي الانفجار في حركة الزمن، والأمم الضائعة ستصطدم يوماً ما بالأمم الأخرى عندها سيقع الانفجار، وتذهب تلك الأمم في الريح، لا من منقذ ولا من معين.
والإنسان الناجح هو الذي يسير ويتحرك ويتصرف ويتكلم وفق أهداف مرسومة مسبقا، ويعمل على تحقيقها, أما الإنسان الذي ليس له أهداف فإنه سيبقى في مكانه.
وأخيرا الأهداف ليست فقط ضرورية لكي تساعد على العيش بسلام، أو تساعدنا للانطلاق للأمام، أو تحفزنا لمواصلة العمل بكفاءة، ولكن هي الربان الذي يمسك بزمام حياتنا إما يوصلنا إلى بر الأمان، أو يرسو بنا حيت مرافئ الراحة والاطمئنان، أو يوردنا المهالك، ويقذف بنا في خضم أمواج لا ترحم، وعقبات لا تنتهي.
وهكذا يمكن أن نقول مطمئنين: إن الأهداف هي الحياة، وأمة بلا أهداف هي أمة خارج نطاق الحياة.
أ.د/ عبدالرازق مختار محمود
أستاذ علم المناهج وطرائق التدريس بجامعة اسيوط
الوسومأ.د/ عبدالرازق مختار محمود
شاهد أيضاً
المحاكمات (التأديبات) الكنسية … منظور ارثوذكسى
كمال زاخرالخميس 19 ديسمبر 2024 البيان الذى القاه ابينا الأسقف الأنبا ميخائيل اسقف حلوان بشأن …