يواجه دور عائلة الحريري على الساحة السياسية اللبنانية هزة كبيرة جراء أزمة مالية تواجهها شركتها للتطوير العقاري بالسعودية في خطوة قد تضعف نفوذ تيار في لبنان وينذر بأفول نفوذ “الحريرية” بالساحة اللبنانية.
وبحسب “ميدل ايست اونلاين” أدت الاضطرابات في شركة سعودي أوجيه للبناء إلى أزمة مالية وتسريح موظفين من تيار المستقبل.. ذلك التيار الذي أنشأه رفيق الحريري بدعم سعودي ويتزعمه الآن ابنه سعد الحريري.
ودفعت أزمة تيار المستقبل كثيرا من المحللين في لبنان للتساؤل عما إذا كانت السعودية تقلص خسائرها في بلد تزداد فيه قوة احزاب وتنظيمات وطنية، رغم سعي السعودية الدؤوب لتفادي ذلك على مر السنين.
وقال راشد فايد عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل: “لا نستطيع أن ننكر وجود أزمة مالية هي انعكاس لأزمة مالية أخرى لا علاقة للبنية التنظيمية فيها على مستوى تيار المستقبل إنما لها علاقة غير مباشرة بأزمة سعودي أوجيه“.
وسعودي أوجيه هي المحرك المالي وراء التيار السياسي الذي تقوده عائلة الحريري وقد تضررت بشدة في الآونة الأخيرة جراء تباطؤ في قطاع البناء السعودي بفعل هبوط أسعار النفط مما أدى إلى خفض الإنفاق الحكومي.
وتأخر دفع أجور آلاف العاملين لأشهر وفقا لوسائل إعلام سعودية وللعاملين أنفسهم. ورفضت الشركة التحدث علنا عن وضعها المالي.
ويقول أيضا العديد من الموظفين في مؤسسات يملكها الحريري بلبنان إنهم لم يتقاضوا رواتبهم منذ أشهر.
وذكرت مصادر في تيار المستقبل أنه تم تسريح بعض العاملين الأسبوع الماضي.
وقال مصدر طلب عدم الكشف عن هويته إن التسريح يهدف إلى تقليص التكاليف داخل التيار للحفاظ على استمراريته.
ويقول محللون: إن الموقف ربما يعكس تحولا أكبر في سياسة السعودية، إذ أصبحت بلدان أخرى أكثر أهمية في صراع المملكة المحتدم مع إيران وبخاصة سوريا واليمن والبحرين.
ولبنان من أوائل البلدان التي اندلع فيها الصراع بدعم سعودي للحريري في مواجهة المقاومة الاسلامية حزب الله خاصة خلال العدوان الاسرائيلي على لبنان 2006.
وتساءل المعلق السياسي جهاد الزين: “هل الحريري أصبح جزء من الماضي في السعودية أم من الحاضر أو المستقبل؟ هذا أكبر سؤال شخصي حول سعد الحريري”.
وقال الزين “لا نستطيع أن نتصور له تاريخا سياسيا ولا حضورا سياسيا بدون السعودية… هذه الحريرية هي إنتاج سعودي”.
ويرى خصوم الحريري أن مشاكله المالية تنذر بأفول نجمه السياسي. وكتبت صحيفة الأخبار على صفحتها الأولى يوم الجمعة أن “مجزرة” الموظفين في تيار المستقبل ما زالت جارية.
والاختبار الكبير سيتمثل في الانتخابات البرلمانية المتوقع أن تجري العام المقبل للمرة الأولى منذ عام 2009 ويواجه الحريري فيها تحديا متزايدا من قبل حليفه السابق أشرف ريفي القريب من الدوائر الاستخبارية السعودية والقوى السلفية في شمال لبنان، والذي تغلب على سياسيين سنّة معروفين في انتخابات بلدية جرت في مايو في مدينة طرابلس التي يغلب عليها السنّة.
وقال نبيل بومنصف المعلق بصحيفة النهار إنه من السابق لأوانه التكهن كيف ستنتهي الأزمة بالنسبة للحريري الذي لا يزال الزعيم السنّي الأقوى حتى الآن لكنه حذر من تقويض موقفه.
واضاف أن الحريري هو القوة السنّية المعتدلة الرئيسية في لبنان “وإذا ضرب هذا الخط السياسي فسيتضرر الاعتدال السنّي “، مؤكدا أن “هذا أمر في غاية الخطورة على لبنان”.