قالت بنوك استثمار إن اتفاق مصر مع الإمارات للحصول على وديعة بقيمة مليار دولار من شأنه الإسراع بوتيرة استلام قرض صندوق النقد الدولي، كما أنه يدعم خطة تعويم الجنيه خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وتساهم الوديعة الإماراتية بجزء من حزمة تمويلية تتراوح قيمتها بين 5 و6 مليار دولار يشترط صندوق النقد الدولي حصول مصر عليها من أجل الموافقة النهائية على القرض، الذي اتفق عليه الصندوق مبدئيا مع مصر، كما يقول هاني جنينة، رئيس قطاع الأسهم في بنك استثمار بلتون فاينانشيال.
وكانت وكالة أنباء الإمارات الرسمية قالت، أمس الاثنين، إن الإمارات اتفقت على وضع مليار دولار وديعة في البنك المركزي المصري لمدة ست سنوات، لكنها لم تذكر أن المركزي المصري تسملها بالفعل.
وتوصلت مصر لاتفاق قبل نحو أسبوعين مع بعثة صندوق النقد الدولي، للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار خلال 3 سنوات، لكن موافقة المجلس التنفيذي للصندوق على هذا الاتفاق تتطلب تدبير مصر لتمويل إضافي ما بين 5 و6 مليارات دولار، بحسب رئيس البعثة في مصر كريس جارفيس.
وإلى جانب قرض صندوق النقد فإن مصر تستهدف جمع 9 مليارات دولار أخرى لسد الفجوة التمويلية خلال السنوات الثلاثة المقبلة، من مصادر مختلفة تشمل طرح سندات دولية والحصول على قروض أخرى من البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي، لتدعم برنامجها لإصلاح الاقتصاد المنهك.
وقال جنينة “الوديعة الإماراتية جزء من الستة مليارات دولار التي طلبها صندوق النقد، بالإضافة إلى 2 مليار دولار من السعودية، وسندات ما بين 3 إلى 5 مليارات دولار، نحن نتحدث عن تدبير هذه المبالغ في غضون الستة أسابيع المقبلة، بما قد يمكنا من الحصول على قرض الصندوق في أول أكتوبر”.
وكانت وزيرة التعاون الدولي سحر نصر قالت لوكالة رويترز الأسبوع الماضي إن مصر وقعت اتفاقا مع السعودية في أبريل الماضي للحصول على وديعة بقيمة 2 مليار دولار خلال زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز للقاهرة، وهو مبلغ لم تعلن عنه مصر سوى في تلك التصريحات الأخيرة.
كما تعتزم مصر طرح سندات لجمع ما بين 3 و5 مليارات دولار من السوق الدولية خلال شهر سبتمبر أو أكتوبر المقبلين، وعينت وزارة المالية الأسبوع الماضي 4 بنوك عالمية لإدارة الطرح.
وقال بنك استثمار برايم، في مذكرة بحثية اليوم الثلاثاء، إن “استلام تلك الوديعة من شأنه الإسراع من وتيرة استلام قرض صندوق النقد”.
وأضاف برايم أن الوديعة تساهم في “تخفيض الضغط على الاحتياطى الأجنبى للبلاد وخاصة عند معرفة أن خدمات الدين الخارجى المطلوب سدادها والمتبقية حتى نهاية العام المالى الحالى تبلغ 4.4 مليار دولار، أهمها مليار دولار قيمة سندات دولارية متوسطة الأجل تُستحق فى النصف الأول من العام المالى، و500 مليون دولار قيمة سندات سعودية تُستحق فى النصف الثانى من العام، و720 مليون دولار تسديدات دول نادى باريس فى يناير 2017”.
وهوى احتياطي مصر من النقد الأجنبي إلى 15.5 مليار دولار وهو ما يعادل قيمة وارداتها في 3 أشهر فقط، نزولا من نحو 36 مليار دولار قبل ثورة يناير 2011، على الرغم من حصولها على مليارات الدولارات من الخليج خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وقال بنك استثمار هيرمس في مذكرة بحثية إن مصر على “بُعد أسابيع قليلة من تعويم الجنيه الذي طال انتظاره أمام الدولار”.
وأضاف أن “الحكومة ستكون قادرة على جمع بين 7 إلى 8 مليارات دولار بحلول نهاية سبتمبر أو أوائل أكتوبر، بما يتيح احتياطي جيد لبدء تعويم العملة”.
ويرى بنك استثمار هيرمس أن تعويم الجنيه سيقرب سعر صرف الدولار من متوسط سعره في السوق السوداء خلال الثلاثة أشهر الماضية، وبما يقل عن مستواه حاليا الذي يتراوح بين 12.50 و12.60 جنيه في السوق غير الرسمي للدولار.
وخفض البنك المركزي قيمة الجنيه بنحو 14% في مارس الماضي، وحافظ على سعره عند 8.78 جنيه للدولار خلال الشهور الماضية رغم ارتفاعه في السوق السوداء.
وتوقع محمد أبوباشا، محلل الاقتصاد الكلي في هيرمس، في تعليق له على قناة هيرمس على موقع يوتيوب الإلكتروني، أن يستقر سعر الدولار بعد تعويم الجنيه عند مستوى 11.5 جنيه.
لكن هاني جنينة، يرى أن تعويم الجنيه لابد أن يحدث “قبل موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد على القرض أي قبل أكتوبر المقبل”، معتبرا أن سبتمبر “موعد مناسب جدا لتعويم الجنيه”.
وتوقع جنينة أن يتراوح سعر الدولار بعد التعويم ما بين 11.5 و12.5 جنيه في السوق الرسمي.
وأشار جنينة إلى أنه لم يعد هناك مجال للحديث عن مجرد تعويم مدار أو تخفيض على مراحل خلال الفترة المقبلة في ظل الضغوط الكبيرة على الجنيه، وأن الأقرب هو التعويم الكامل مرة واحدة، لأن “يد البنك المركزي ستكون مكبلة تماما في التدخل للحفاظ على سعر الصرف، هذا ما رأيته في اتفاقات سابقة للصندوق مع دول أخرى”.
وأضاف “بحسب اتفاقات لصندوق النقد مع دول أخرى اطلعت عليها، فإن الصندوق يطلب من الدولة حد أدنى من الاحتياطي النقدي، حتى لا يعطيها فرصة لإهداره في تثبيت سعر العملة”.
وأشار جنينة إلى أن إصلاح وتوحيد سعر الصرف خطوة لابد منها حتى يمكن لمصر الحصول على قرض الصندوق، وتغطية السندات الدولية التي تعتزم طرحها خلال الفترة المقبلة.
وهو ما اكده أبو باشا بقوله”محافظ البنك المركزي ووزير المالية النهارده في لندن في إطار الترويج للسندات، هل ينفع يقنعوا المستثمرين بشراء السندات وهما عندهم سعرين للدولار في البلد؟”.
وأضاف أن “المستثمرون لابد أن يتأكدوا أن أموالهم لن تصرف في دعم سعر مشوه للجنيه، وإنما في مشروعات تدر عوائد، وبالتالي تقدر الدولة على سدادها عندما يحين موعد استحقاقها”.