بقلم السياسي جمال رشدي مدير موارد بشرية
منذ ان اعتلي كرسي الحكم في مصر وتعلقت أنظار المصريين به ليس لمجابهة الإرهاب فقط ولكن أيضا الفساد الذي هو منبع الإرهاب . وبما ان ظهور الرجل علي الساحة كبطل شعبي بخلع حكم الاخوان . واستعادة مصر من وحل الارهاب والضياع .ومن ثم أنتظر المصريين منه أن يخلع جلباب الفساد من علي جسد الدولة المصرية … ومع مرور الوقت والترقب لم تكن هناك إرادة سياسية حقيقية للدخول في معترك مع ذلك الملف الصعب الذي يلتهم كل مقدرات الدولة وأصبح وحش يغرس بانيابه في كل بقعة من أرض مصر ..ففي كل دول العالم الفساد هو مكان او شخص او واقعة تتفاوت النسب في تقيمه أما في مصر فأصبح ثقافة شعب وممارسة مسئول هنا المعضلة وهنا نظرة وتحليل وتشخيص دائرة الحكم .. فقد حول الفساد الدولة المصرية الي اشلاء دولة فمنذ 67 ونكسة يونيه كانت بداية وهن وضعف جهاز المناعة للدولة . ومع قدوم السادات وفتح باب الرأسمالية علي مصراعيه دون تهيئة الساحة بكيفية التحول من الإشتراكية التي كانت تغلب علي نظام حكم عبد الناصر الي الرأسمالية .. فسيطر الجشع التجاري علي ثقافة التعاملات التجارية و رويدا رويدا امتد ذلك الجشع الي ثقافة ممارسة أخلاقية . ومع قدوم مبارك فاقد الرؤية والبصيرة لإدارة شئون الدولة عمل علي تجميد كافة الأوضاع دون الاقتراب منها فاختلط حابل رجال الأعمال بنابل رجال السلطة وأصبحت دوافع الظهور في المشهد هي الانتهازية والمحسوبية والنفاق والتسلق .. وانفصل القاع عن المشهد الحاكم تماما. وضعفت الطبقة الوسطي وترنحت في المنطقة العميه بين الوسط والقاع..وتحكم الفساد والتطرف في كل مفاصل الدولة وضرب الجهل والتخلف ضمير الإدراك في الشخصية المصرية .. وأصبحت الشيخوخة والعجز هي عنوان الحكم في مصر . حتي جاءت مظاهرات 25 يناير فكانت خليط بين الطموح الصادق لبعض الشباب وبين جذور التطرف والتخلف .. وسقطت شيخوخة الدولة وطفت علي السطح .عوامل التخلف والجهل وعدم ادراك اللحظة ما بين عملاء وخونة .. وبين ثرثرة ونهيق النخبة … والجماعات الرجعية التي تمثل التطرف … واصبح الفساد بمخالبه هو الذي يتحكم في المشهد العام للدولة المصرية .. فركب الإخوان الحكم أمام شيخوخة وعجز بقايا مبارك بقيادة طنطاوي في المجلس العسكري ..وبما أن تكوين الهيكل الخاص بالحالة الثقافية والاجتماعية للجماعة المتطرفة هو من اضعف التكوينات في جسد الدولة .. فترهل وتمزق وانحل امام عوامل الضغط الاجتماعي والثقافي وسقط خلال عام امام هدير الشعب .. وجاء جيل جديد بقيادة المشير السيسي ليعلن خلع الجماعة من الحكم .. وأمام الضغط الشعبي لم يكن أمام الرجل إلا الرضوخ لمطالب الشعب والترشح للحكم. فصعد الرجل الي كرسي العرش وسط امال كبيرة من المصريين بأنه قد حان أن يكون لمصر رئيس علي قدر طموحات شعبها وتاريخها .. فكان للرجل رؤية ربما لم تكن متوافقة مع الحالة المصرية .. وهو انه بدأ البناء من القمة .. ليكون القاطرة التي تجر القاع .. فقام بعمل بعض المشروعات العملاقة مثل قناة السويس والعاصمة الجديدة المليون فدان بجانب بعض المشروعات الاخري ..ولكن لما ان القاع المصري هو منبع المشكلة المصرية من جهل وفقر ومرض وتطرف .. فثقله اقوي من قاطرة القمة .. ومن الوارد ان يسحب القاع انجازات القمة وابتلاعها بموروث الفساد الذي اصبح ثقافة شعب … فكان ينبغي علي الرئيس والقيادة السياسية البدء من القاع عن طريق مواجهة عوامل الفساد بقوانين صارمة وارادة حقيقية بتحويل ملف الفساد والتطرف الي المحاكم العسكرية .. والبدء فورا في النظر الي اعادة هيكلة منظومة التعليم المترهلة التي هي منبع الفساد الثقافي والتطرف في المجتمع …مع ضرورة وجود رؤية غير تقليدية في كيفية البناء الاقتصادي من القاع ليكون الماكينة التي تدفع القمة الي الاعلي وليس سحبها الي الخلف …. وحان الان الوقت ان تعيد القيادة السياسي النظر في رؤيتها لبناء الدولة المصرية عن طريق اعتماد منظومة عمل غير تقليدية وخارج إطار النخبة التي تعتلي المشهد في البلاد ..
الوسومجمال رشدي
شاهد أيضاً
“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “
بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …