الثلاثاء , نوفمبر 19 2024
الكنيسة القبطية
عادل نصيف فنان الأيقونات القبطية

وعلى قارعة الروح تسمو موزيكات عادل نصيف

ماجدة سيدهم

 

من الصعب بحال أن تقبض على الشيء دون معناه أو  أن تلتقي بالمعنى دون   فحواه ، أو أن ترتطم بالضوء دون أن  تتعثر بالدهشة  بتفاصيل الجمال المتسق،  لذا كان من الضروري

 إلاا أكتفي بالمرور عبر الصور وحدها  دونما الدخول والإيغال مباشرة إلى عالمه السري ، هناك في مرسمه التجريدي  حيث تنموبهدوء تلك  القطع الملونة في حنايا الفكرة المكتملة بالوهج والرؤية ،


“عادل نصيف “

فنان التميز البارع بين فن الموزايك والأيقونة المتفردة بمصرية خالصة، ….فماذا لو رحنا معا نعيش التفاصيل المتوهجة حيث عالم” عادل نصيف ” الروحي المتفرد بالخشوع والإتضاع  ..كانت لدي فكرة مسبقة ومتابعة عن روائع ابدعاته والتى استقرالأغلب منها بكنائس ومتاحف  ومقتنيات العديد من دول العالم

فضلا عن مقتنيات  وزارة الثقافة  المصرية ،فهذا الكم من النتاج الوجداني المضيء وتلك المساحات الممتدة (تتجاز العشرات الهائلة من الأمتار ) تدفع بك لأن تخترق هذا العالم المسكون بالجلال  والهدوء والتوهج .


بين منمنمات صلابة القطع الحجرية والزجاجية  الملونة وروح الفكرة المختلفة – أو لنسميها الفكرة الثائرة- نجد الأمر يحتاج إلى صبر وجلد الصوفة ،  لتبدأ رحلة خروج الفكرة من رحم النضج لتستقر تفاصيلها الصغيرة على مساحات هائلة من البوح ، قطعة قطعة ..نأمة نأمة ، لحتى يشير المشاهد (خاصة الأجنبي  ) عليها بعفوية وتلقائية  هنا مصر ..هنا فن قبطي ،  لتجد نفسك  مأخوذا بالسير  بين سطور التاريخ والتنقل بين الحكايا

وتذوق طعم التراث القبطي المتميز بأصوله وخطوطه وملامحه  الخاصه جدا … هكذا تناولت الموزيكات هذا العدد الهائل من تفاصيل كثيرة عن ملامح البيئة المصرية  والمشاهد  المسيحية

كما في رحلة العائلة المقدسة على سبيل المثال ، بينما كانت  تجليات و إبداعات “نصيف ” في تجسيد خصوصية  القرية المصرية واضحة في غيرته الشديدة وافتخاره  الواثق بمصريته مرسخا لملمح الفن القبطي


حتى  تشتم  في موزيكاته رائحة الأرض ..النهار..النيل ..البيوت ..النخل ، ولحتى تحس بحركة  النسيم  والظلال  واسقاط الضوء..فتأتي ضفاف النيل وامتداد الحقول والتلال وبنايات القرية  وطرقها  عير المرصوفة

وتفاصيل أكثر   بكل هذا الإعلان والتناغم ،هو الإلهام الأعلى  أو  الطاعة لصوت النداء الأسمى .. فنرى هنا  سحر  انتشار الضوء وانعكسات أشعة الشمس  ومرورها  عبر  شجيرات الضفاف ،  لترمي تسللها  على وجه النيل،

فيحمل النيل  بدوره  دلال الشراع  وحكمة الحكايا المعتقة باسرار التاريخ ،  بينما ترتاح أطراف هذا التسلل الناعم للضوء  على جدران البيوت وأبوابها المنتشية  بشجن الناي ، ذاك الناي الذي تسمع نغماته بوضوح رغم عدم تجسيده باللوحات – ياله من إبداع فائق البراعة

إذ أضاف هذا التألق الروحي  بعدا صوتيا  شديد الوضوح ، نسطيع القول أنها جداريات صوتية  أو مسموعة الحكي – وهو البعد  أو الرؤية الخاصة  والتى تفرد بعا عالم ” عادل نصيف”  والتى تميز موزيكاته   دون غيرها ، لتجد نفسك داخل هذا الحيز منصتا  لذاك الحوار المهيب  بين شخوص  الجدارية

صوت تمايل النخلات فعل  خفة الرياح ، وصوت السكون بين منعطفات القرى ) فتنصت تباعا  لحوارات القناعة .. المسامرة ..فلسفة الصمت وعبرة التاريخ  .. وكذا صوت المرح في التفاصيل الدقيقة  ( ظلال العصاري.. العيون  الواسعة والضاحكة للشخوص ) الذي أضفى روح الشباب والحيوية  على  المجمل كله
فكل ماتحمله تلك الجداريات من  هيبة وعذوبة ودلال وعمق ووعي يمثل ملامح الروح المصرية

بقوة عنفوانها وخصوبتها وهدوئها ورسوخها ، حتى نستطيع القول أنه هكذا طغت روح الرقة ..الأنوثة التى للحضارة
على اللوحات لتمنحها بريقا شاهقا ووهجا خالصا ..ياله من تعبير لابأس به ” إبداع بروح أنوثة الحضارة .” !

هكذا  يسحبك عالم ” عادل نصيف ” من منطقة الجمود إلى البعث للحياة  ليكون اللعب بالضوء بين دكنته
ونصوعه هو ذروة السرد والحركة (جدارية القيامة – انعكاس  صورة النخلات الباسقات على مَرايا سطح النيل المزهرية.. الأبواب والجدران ..الفضاء ) 


فهي مباراة  التفوق لتكسير وتقنين القطع الصلبة كما يحسها”نصيف ” ويضفر تداخلاتها ، ليخلق ألوانا وزوايا وإضاءات ودوائر ينشدها ليتوج عبقرية  الجدارية  بالفخامة والروحانية والبهجة والخلود ،بينما  يتلمس الرائي  تلك الأعماق وتفاوت الأبعاد والثنيات ورشاقة الحركة ، لتجد نفسك أمام هذا التجاوز الروحي  مبتسما بتلقائية وقد اعتراك هدوء صوفي النزع


هكذا أدرك ” عادل نصيف”  عبر مشواره الأمين كل أسرار  قطع  الموزاييك  فهي ليست محض قطع لونية فقط  بل هي المثقلة بسرمدية  الصوت والضوء معا ، يجلس ملتحما،  متوحدا  مع تفاصيل الحكاية لندخل  معه  إلى محفل التطهير الروحي  ويغزل  سرد الأزمنة المختلفة  في لوحة واحدة منذ عصور الاستتشهاد الأولى في المسيحية
وحتى شهداء ليبيا ليكون ذروة المشهد  في إرتفاع  قامة المسيح  المنتصرة متوسطا  في المشهد  محتويا  كل هؤلاء الشهداء بثيابهم البيض وأغصانهم الخضراء ، فبدا هذا التأهب والاستعداد  بجلاء الحركة  عن طول انتظار
محاطا بدوي  الأبواق الملائكية  ، ليشكل  هو  بوحي الأسرار كل ملامح االسلام على الوجوه ، وكذا  ملامح الثقة التي  استقرت بريقالعيون الواسعة ، وأيضا براعة النظرة الثاقبة والتى تنطق بالغلب


بينما يتجلى الإبهار والمثابرة في  ترتيب و تنسيق مضفور ذاك الضوء والصوت لقطع الموزاييك على المساحات المتسعة كلها


ثم لصقها وتقطيعها ونقلها مغلفة  لإعادةفكها وترتيبها ولصقها من جديد  ، كي تأخذ موطنا جديدا  بأرجاء الأمكنة المترامية  عبر البحارأو  بحدود الوطن ، كل هذا  بجل  وجلال هويتها  القبطية الخالصة


*” عادل نصيف”

عبر رحلته الفنية يرسخ  صوفية العشق  للإبداع ، يتجاوزكل   حدود النمطية والمألوف ، موثقا للتاريخ  خصوصيته ،مرسخا للحضارة والفن القبطي  لونه ورموزه وملامحه  الفريدة
لأجيال وأجيال ..وأكثر ، والسؤال ..حين  يمتلك الوطن ثروته ..وحين تكون الحاجة للتطور والنهوض من كبوات التردي  والجهل والتغييب  هي الأمر الحتمي للخروج من مرحلة التخاذل ..يكون السؤال  المطروح
معنيا  بالمؤسسات الثقافية والكنسية على وجه الخصوص

أين الفكر الثاقب والرؤية المستقبلية والتى يعول عليها انتعاشة  الفنون القبطية  والخروج به إلى عالم التحديات  المتضاربة …! .محض سؤال للإنتباه

شكرا لموزيكات تتألق  بصمت هادر
ضاجة بالنبوغ والحضارة
شكرا لصوت الإبهار يرتحل سفيرا شامخا عبر البحار والمحيطات في رحلة مصرية  خالصة الجمال والأسرار والتحضر  

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

من يعيد وضع عتبات أبواب بيوتنا ؟!

كمال زاخر الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠٢٤ حرص ابى القادم من عمق الصعيد على ان يضع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.