رافت جندي
منذ ثورة 52 تفتق ذهن النظام المصرى عن إلهاء الشعب المصرى عن مشاكله الحقيقة، فكانت الخمسينيات والستينيات هي إشغال المصريين في صراع الأهلي والزمالك وأيضا فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ، ولكن لم يكن ترويع الأقباط جزءا من هذا المخطط، بل كانت الدولة حاسمة وسريعة في هذا الامر بالرغم من إضطهاد الأقباط في المراكز الكبرى وفى إبقاء الخط الهميونى العثماني في تقييد بناء الكنائس.
وفى حقبة السادات تم استخدام ترويع وقتل الأقباط لإلهاء المصريين عن مشاكلهم الاقتصادية خاصة مع خروج الاخوان من جحورهم واستمر هذا المنوال أيام مبارك أيضا، وكلما برزت ازمة معينة كلما سمحت الدولة بالجور الأكبر على الاقباط لكى تحول نظر الشعب لها ويكون الأقباط هم الضحية، ومنطقهم أنه خير أن يموت بعض الاقباط وتحرق كنائسهم وبيوتهم عن ان تهلك الإدارة العليا للبلاد.
كنا نظن ان هذا سيختفي وخاصة بعد ثورة 30 يونيو، ولكن الدولة العميقة عادت لنفس ممارستها القديمة. وكلما لاحت مشكلة في الأفق مثل منح السعودية جزيرتى تيران وصنافير المصريتين أو هبوط الجنية المصرى وارتفاع سعر الغذاء يكون هذا سببا لكى ترفع الدولة العميقة رجلها من على فرامل الهجوم على الاقباط في القرى والنجوع خاصة أن نفوس السلفيين معبأة بالكراهية النابعة من تعاليمهم الشيطانية.
ومنذ أيام مبارك وفى كل مرة بعد حادثة قتل وحرق لبيوت وكنائس الاقباط، يخرج علينا رئيس البلاد ليقول نحن جميعا سواسية والمخطئ سيجازى، لكن لسان حالهم يقول لكن لو كنتم شطار اثبتوا أي شيء، لأن البوليس بوليسنا والنيابة نيابتنا والقضاء أيضا بتاعنا، تماما مثلما حدث في الكشح وغيرها وان كانت لم تفلح مع إيطاليا حتى الآن في حادثة ريجينى.
التظاهر حق تكفله قوانين العالم الحر، وليس هناك خطأ لمن يستخدم حقه وكما يقول المثل الإنجليزي
You are not wrong for using your right
من قبل كانت المظاهرات تتجه للسفارات المصرية في عواصم دول المهجر، ولكننا نفهم أن الهجوم على الأقباط مخطط من الدولة العميقة وهدف المظاهرات هو فضح هذا امام العالم وليس طلب تدخل خارجي.
عزيزي السيسي، لقد ايدناك وانتخبناك في 30 يونيو وبعدها ولسنا نندم، ولأنك كنت قبلها رئيسا لهذه الدولة العميقة فإننا نطلب منك وقف هذا المخطط الشرير وإيجاد حل بديل لإلهاء الرأي العام عن مشاكله الاقتصادية التي نؤمن انكم تسعون جاهدين لحلها.
عزيزي الرئيس السيسي، عندما تقف وتقول إن المخطئ سوف يحاسب، ثم نجد أن عمداء القرى المخطئين ومديري الأمن المزورين ورجال النيابة المدلسين والمحافظين المفسدين لم يحاسبوا، فأنك تظهر للعامة كرئيس ضعيف لا يملك كلمته، فأن كنت لا تستطيع اثبات العدل مثلما فعل الحاكم القوى محمد على في قتل وسحل القديس سيدهم بشاى فخير لك ان تصمت.
عبد الناصر لم يسمح بترويع الأقباط ووثق علاقته بالبابا كيرلس وشارك في بناء الكاتدرائية القبطية بالعباسية ولهذا مات مكرما معززا من الشعب بالرغم من هزيمة 67 الكارثية.
السادات روع الأقباط وسمح بقتلهم وحرق بيوتهم وكنائسهم وعزل ونفى قداسة البابا شنودة، فمات قتيلا منبوذا من الشعب بالرغم من نصر أكتوبر ومعاهدة السلام.
مبارك سمح بقتل وحرق بيوتهم وتفجير كنائسهم وترك البابا شنودة في منفاه 3 سنوات يساومه على شروط الغاء قرار نفيه، فشاهد بنفسه جنازة البابا التاريخية ومصر كلها تبكيه بينما هو قابع في سجنه منبوذا معزولا من الشعب بعد أن رآه العالم كله في قفص الاتهام وهو يضع اصبعه في مناخيره، وعندما ارتفعت الجزم في ميدان التحرير امام صورة مبارك رأينا الرد الإلهي عليه عندما سمح للسلفيين برفع جزمهم امام صورة قداسة البابا شنودة.
المشير طنطاوى الذي تغاضى عن محاسبة بدين والروينى في مذبحة ماسبيرو، عزله مرسى ولا يقوى على رفع رأسه حتى الآن بالرغم من محاولتك تكريمه.
عزيزي الرئيس السيسي، ان الاختيار امامك بين وقف مخطط الدولة العميقة لنظام السادات ومبارك في لعبة حرق وقتل الاقباط لإلهاء الشعب عن مشاكله وإيجاد حل بديل متمثلا بعبد الناصر… فإيهما ستختار لكي نعرف النهاية من الآن؟ … لأن فوق العالي من هو اعلى واعدل.