الدكتور / صلاح عبد السميع عبد الرازق
الفساد ضد الجد والنزاهة ، هو نقيض الإصلاح ومن هنا تظهر خطورته من خلال تداعياته السلبية على شتى مجالات الحياة ، فنرى من تبعاته الفوضى وسوء الخلق وغياب النزاهة والرشوة ،وللفساد وجوه مختلفة كلها تعكس حالة انكسار حضاري يتملك الأمة والمجتمع ، ولعل مرجع ذلك كله يعود إلى غياب التربية وغياب القدوة وغياب تفعيل القانون .
إن المجتمعات التي تتحدث عن الفساد وتكتفي بتصدير عبارات محاربة الفساد في وسائل الإعلام ، ثم لا تمارس آليات على أرض الواقع لمحاربة أشكال الفساد ، وتسعى إلى النزاهة والشفافية عبر مؤسساتها المختلفة ، ما زالت بعيدة كل البعد عن الإصلاح المنشود .
إن الدول التي تسعى إلى الريادة والى النهوض الحضاري ، غالباً ما يكون جل اهتمامها منصب على مواجهة كافة أشكال الفساد من خلال إيجاد بيئة فاعلة وتهيئة مناخ ايجابي يدفع نحو النزاهة والإصلاح ، وذلك من خلال تربية الأجيال على معاني وقيم الإصلاح ، كذلك من خلال القدوة في كافة المجالات ، عبر اختيار نماذج تعبر عن الكفاءة والقدرة ، نماذج تنتمي إلى الوطن وتعرف معنى الوطنية وتركن إلى المصلحة العامة بعيداً عن المصالح الشخصية .
مفهوم الفساد
الفساد مصطلح يشير بشكل عام إلى حالات انتهاك مبدأ النزاهة.
قال الله عز و جل في كتابه الكريم: (ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) الآية رقم 41 من سورة الروم
الفساد في معاجم اللغة هو في (فسد) ضد صَلُحَ (والفساد) لغة البطلان، فيقال فسد الشيء أي بطُلَ واضمحل، ويأتي التعبير على معانٍ عدة بحسب موقعه. التعريف العام لمفهوم الفساد عربياً بأنه اللهو واللعب وأخذ المال ظلماً من دون وجه حق، مما يجعل تلك التعابير المتعددة عن مفهوم الفساد، توجه المصطلح نحو إفراز معنى يناقض المدلول السلبي للفساد، فهو ضد الجد القائم على فعل الائتمان على ما هو تحت اليد (القدرة والتصرف).
يعرف معجم أوكسفورد الإنكليزي الفساد بأنه “انحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة”. وقد يعنى الفساد : التلف إذا ارتبط المعنى بسلعة ما وهو لفظ شامل لكافة النواحي السلبية في الحياة.
و يصبح الفساد بمفهومه العام هو التغير من الحالة المثالية إلى حالة دون الحالة المثالية. و الكمال لله عز و جل. بمعنى التغير للأسوأ. و يكون هنا ضد الإحسان و ضد التحول أو التغير إلى الحالة المثالية.
أنواع الفساد
يصنف الفساد في الأنواع التالية:
الفساد بمعنى: البطلان.
الفساد السياسي: إساءة استخدام السلطة العامة (راجع أيضا: فساد في الحكومات المحلية) من قبل النخب الحاكمة لأهداف غير مشروعة كالرشوة، الابتزاز، المحسوبية، والاختلاس.
جرائم الشركات: في علم الجريمة تتمثل جرائم الشركات أو الجرائم الاقتصادية في انحرافات (مالية أو إدارية) ارتكبت عن طريق شركة (كيان تجاري له شخصية قانونية مستقلة من أشخاص طبيعيين يقومون بإدارة أنشطتها)، أو من قبل أفراد بالإنابة. ومخالفة القواعد والأحكام المالية التي تنظم سير العمل الإداري والمالي في المؤسسة.
ومن الحكم والأمثال التي تناولت الفساد :
من زاغ ساءت عنده الحسنة
الفاجر أن وثقت به لم يرعك
الرذيلة تقود الى رذيلة أخرى
عمل يجهد خير من فراغ يفسد
أفسد من ضبع
أفحش من كلب
من الفساد أضاعة المال
الرشوة تعمى عين الحكيم
من فعل ما شاء لقى ماساء
الفاجر لا يجامل والمبتلى لا يؤاكل
الخشب الفاسد لا يمكن النقش عليه
من سمع بفاحشة فأفشاها كمن اتاها
من فسدت بطانته كان كالغاص بالماء
أحذر الشيطان إن يفسد خلقك بالخيلاء
السفه:هو أتباع الدناءة ومصاحبة الغواة
إذا رافقت الرذيلة لا تلبث أن تصبح عبدها
من تغذى بسوء السيرة تعشى بزوال القدرة
إذا لم تكن ملحا يصلح فلا تكن ذبابا يفسد
من لا يكره الرذيلة كفاية لا يحب الفضيلة كفاية
إذا كان الغراب حارسك عرفنا مقدار محصولك
نحن في حاجة ماسة إلى صياغة آليات لمحاربة الفساد ،تترجم عبر مشروعات حقيقية تمارس على أرض الواقع ، لا تحابى أحداً على الإطلاق مهما كان مركزه أو مكانته ، إذا أردنا النهوض الحضاري لأمتنا ، ومن تلك الآليات التربية على الأخلاق الحميدة ، ونشر مفهوم القدوة في كافة المجالات ،وتفعيل القانون الذي يحاسب الجميع دون تمييز ،وتفعيل دور الإعلام في محاربة الفساد والمفسدين ، ونشر القيم التي تدعوا إلى الفضيلة والنزاهة ، وان تحقق ذلك فقد تغلبنا على الداء بأفضل طرق الدواء .
الوسومصلاح عبد السميع عبد الرازق
شاهد أيضاً
“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “
بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …