الدكتور / صلاح عبد السميع عبد الرازق
العدل قيمة أخلاقية كبرى ومتطلب حياتي بدونه لامعنى للحياة ولا قيمة لها ، وفى غياب العدل يكون الظلم للنفس وللآخرين ، ولهذا وجب التأكيد على المفهوم ، والتأكيد أيضاً على آليات ممارسته ليكون واقعاً يمارس في الكون ، فهو ليس قاصراً على مكان أو زمان بعينه ، انه مطلب رباني حيث يقول المولى سبحانه وتعالى : «وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم ” ( النساء : 58 ) .
والعدل في اللغة ً هو عبارة عن الوسط بين الإفراط والتفريط والاعتدال في الأمور ، ويقابله الظلم والجور ، وعكسه الظلم .
العدل اصطلاحاً :يرمي إلى المساواة بين النّاس والعدل فيما بينهم وإعطاء الحقوق دون تفرقة بين النّاس سواء كان لون أو نسب أو مال أو جاه .
ولهذا يعد العدل صفة من صفات الإنسانية المستقيمة، وجب على الإنسان أينما وجد أن يسعى إلى تحقيقها ، وترسيخها في نفوس ووجدان وسلوك من حوله ، فعدل الآباء مع الأبناء معناه ترسيخ المفهوم في وجدان وسلوك الأبناء ليكون مؤشراً لتحقيق العدالة في سلوك الأجيال القادمة ، ونقيس على ذلك عدل المعلم مع طلابه في الصف ، وعدل القاضي على منصة القضاء بين المتخاصمين ، وعدل الحاكم مع المحكومين ،والعدل في توزيع الثروات بين أبناء المجتمع ، كلها مؤشرات تعبر عن ترسيخ قيمة العدل بين العباد ، وتهيئة المناخ النفسي لمجتمع متحاب متعاون .
إن ترسيخ مفهوم العدل في وجدان أبناء الأمة يحتاج إلى ممارسات من قبل الجميع ، فلا يمكن للطفل أن يعي مفهوم ودلالة العدل دون أن يرى سلوك والديه في التعامل معه ومع إخوته والمحيطين به مترجماً لهذا المفهوم من خلال عدم التمييز بينهم ، والمساواة في التعامل معهم ، كذلك عندما يرى الأبناء سلوك المعلم والمعلمة في الصف عند التعامل مع التلاميذ دون تمييز ، فقد يسقط مفهوم ومعنى العدالة من عقل ووجدان التلاميذ عندما يرى سلوك المعلم وهو يحابى ويجامل تلميذ على حساب آخر ، انطلاقاً من مبدأ الدروس الخصوصية ، التي تجعل المعلم يفضل طالباً على آخر ، ومن هنا يؤصل الإحساس بالظلم في نفوس ووجدان الأبناء داخل المدارس ، كذلك عندما يغيب معيار العدل فى الاختبارات التي يخوضها الطلاب ، ونرى تسريبات مقصودة اختبارات الثانوية العامة ، ويترتب على ذلك أن يتساوى من اجتهد وحصل مع من اتخذ الغش شعاراً وسلوكاً ، ويمكننا أن نقيس على ذلك في كافة المؤسسات عندما يغيب العدل ، نرى الكراهية والحقد شعاراً يرفع ، مما ينعكس سلباً على المجتمع .
ومن الحكم والأمثال التي تناولت العدل :
كما تدين تدان
أعدل من الميزان
يد الحر ميزان
إذا أتاك أحد الخصمين وقد فُقِئَتْ عينه فلا تقض له حتى يأتيك خصمه فلعله قد فُقِئَتْ عيناه
الحق دولة والباطل جولة
الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل
العين بالعين والسن بالسن
صاحب الحق عينه قوية
على الباغي تدور الدوائر
لا يَفُلُّ الحديد إلا الحديد
هذه بتلك والبادئ أظلم
هذه بتلك والبادئ أظلم
العدل أساس العمران
إن الله عدل يحب العدل
العدل : إتباع الهدى وترك الهوى
لا عدالة بلا مساواة ولا مساواة بلا حرية .
إذا كان العدل يعنى المساواة بين النّاس فيما بينهم وإعطاء الحقوق دون تفرقة بين النّاس سواء كان لون أو نسب أو مال أو جاه ، فالمطلوب منا أن نرسخ تلك القيمة في نفوس وسلوك أبناء المجتمع من خلال القدوة والنموذج ، ومن خلال الفعل وليس القول ، نحتاج إلى أن نصدق مع أنفسنا ومع من حولنا
الوسومصلاح عبد السميع عبد الرازق
شاهد أيضاً
“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “
بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …