الثلاثاء , نوفمبر 19 2024
محمد المغربى

الخيط الأبيض فجر جديد يداعب خيال ” خالدة غوشة “… !!

محمد المغربى الكاتب الصحفى
من جديد عادت المقدسية “خالدة غوشة ” لتقدم لنا لوحة روائية فنية جديدة ” الخيط الأبيض” , لكن هذه المرة ترسمها بفرشاة مغموسة فى بالتة ألوان متباينة , فتارة نراها تعبث باللون الأحمر , فى إشارة لواقعنا العربى الأليم , وما تعانيه الشعوب العربية ما بين أوطان عربية محتلة أو مستباحة أو محتلة فكريا كتنظيم داعش والتكفيريين .
وفجأة يشتد إحمرار فرشتها لتظهر لنا الحس الأنثوى بداخلها و الذى يخرج كصرخة ألم فى وجه فساد أصحاب المال والنفوذ الذين أهانوا المرأة العربية بكل طوائفها وجعلوها سلعة تباع فى أسواق النخاسة من أجل متعتهم ورغباتهم .
فهى ترى أن المرأة العربية أصبحت ضحية ومعذبة فى الأرض , إلا أنها ستعود يوما ما , وستنتصر ثقافة الحب والعشق والانسانية على كل شرور هؤلاء الناس .
ثم تنتقل بنا للحديث عن ثورات الربيع العربى , وهى تراها ثورات لا ربيع فيها بل يجمعها خريف عاصف ومدمر بسبب أنظمة تقبع على كرسى الحكم , ولا يعنيها شعوبها , رغم أنهم استمدوا وجودهم وشرعيتهم وقوتهم من جثث أبناء أوطانهم .
عملت تلك الأنظمة على الوقيعة بين طوائف الشعوب ,فتركت الشيعى يقتل السنى , رغم أن بإمكانهم التعايش معا فى سلام , ولنا فى الهند عبرة فأكثر من مليار انسان لهم مائة وخمسون رب ويعيشون بسلام .
وتارة أخرى تتخلى عن اللون الأحمر وتستبدله بالأبيض فى إشارة منها أن بارقة أمل تلوح فى الأفق , وأن الخيط الأبيض هو طوق النجاة الذى تنتظره كل الشعوب العربية ليكون بشرة خير نحو غد ينعم بالسلام والحب والتعايش .
كل الأفكار التى تريد ” غوشة ” سردها لنا جعلتها فى قالب حوارى رومانسى… تاريخى… سياسى… فلسفى…. يدير هذا الحوار” سعد وورد ” وهما بطلا الرواية ” سعد “من العراق و “ورد “من فلسطين وهذا الاختيار يعكس اهتمام الكاتبة بهموم بلدين أنهكهما الاحتلال والتناحر بين العشائر والطوائف من شيعة وسنة وفتح وحماس .
لم تتخل غوشة فى كتاباتها عن طابعها الفلسفى فى الكتابة والذى تعشقه كذلك الميل إلى السهل الممتنع فى السرد , فجعلت ” سعد وورد ” بطلا الرواية يعودا من الموت والبرزخ إلى الحياة فى حبكة رومانسية متأججة ما أجملها !! ..ممزوجة بروحانيات فلسفية تجبرك ككقارئ على معاودة قراءة سطور نص الرواية أكثر من مرة لكى تنجح فى استنباط ما تقصده الكاتبة .
هناك تبادل للأدوار بين الكاتبة وبطلة الرواية ” ورد” التى أرى أنها تشبه ” خالدة غوشة ” فكثيرا ما تتقمص” غوشة” دور بطلة الرواية وتتحدث باسمها أو بالنيابة عنها وخاصة فى حوارات الشعر الرومانسى بين ورد و سعد والذى اتسم بالرقى والجرأة بعض الشئ .
هل تريد غوشة أن تجعل من روايتها مغناة حكاية حب لا تنتهى كما وصفتها فى ختام غلاف الرواية…!!
أرى أنها لم تكتف بجعلها رواية رومانسية تقليدية تعرض لنا قصة حب بين سعد وورد , على الرغم من مشاعر العشق والهيام والتى نجحت “غوشة” فى توظيفها عبر خواطر شعرية رائعة .
قدمت لنا “خالدة غوشة” الشاعرة التى أدخلت الشعر فى ثنايا الرواية , واستخدمت ألفاظ قرأنية فى تشبيهاتها الرومانسية , بل فرقت بين الحب والعشق وشبهت الحب بأنه لا يعدو أنه أضغاث أحلام , أما العشق فوصفته بالرؤيا الصالحة .
مزجت” خالدة غوشة ” بين الرومانسية والسياسة , بمعنى أدق وظفت الرومانسية فى إسقاطات سياسية تريد إيصالها للشعب العربى .
ترى أن كلام الشعراء مثل كلام السياسيين لا يعدو كونه كلام جرائد …!!
أشعرتنا ” غوشة ” بهموم القضية الفلسطينية , والاحتلال الأمريكى للعراق , والاحتلال الفكرى للشعوب العربية , وقضية المرأة العربية وما تعانيه من ظلم وانتهاك وإهانة , كل ذلك فى قالب حوارى رومانسى جرئ .
وكلما شعرنا بظلمة الليل وإنعدام الرؤية فى واقعنا العربى , يلوح ” الخيط الأبيض ” من أفق القدس العربى ليعطينا بصيص من الأمل فى غد أفضل , وحتى يتبين لنا الخيط الأبيض من الأسود لابد من رجوع الانسان إلى انسانيته التى فقدها ناسيا أو متناسيا ….

خالدة غوشة
خالدة غوشة

شاهد أيضاً

رحمة سعيد

كيف نحمي البيئة من التلوث؟

بقلم رحمة  سعيد متابعة دكتور علاء ثابت مسلم  إن البيئة هي عنصر أساسي من عناصر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.