الدكتور / صلاح عبد السميع عبد الرازق
قد يسأل سائل ما الضمير ؟ إلى مدى نحتاج إلى إعلاء قيمة الضمير في واقعنا ؟ بل إلى أي مدى يحتاج المجتمع إلى استعادة تربية الضمير ؟
الضمير قدرة الإنسان على التمييز فيما إذا كان عمل ما خطأ أم صواب ، أو التمييز بين ما هو حق وما هو باطل، وهو الذي يؤدي إلى الشعور بالندم عندما تتعارض الأشياء التي يفعلها الفرد مع قيمه الأخلاقية، وإلى الشعور بالاستقامة أو النزاهة عندما تتفق الأفعال مع القيم الأخلاقية، وهنا قد يختلف الأمر نتيجة اختلاف البيئة أو النشأة أو مفهوم الأخلاق لدى كل إنسان.
وهنا أود أن أشير إلى أنه قد يظن القارئ أننا نتحدث عن غياب تام للضمائر الحية في مجتمعاتنا ، وهذا غير صحيح ، فلا يمكن أبداً أن يغيب الخير عن المجتمع ، ولا أن تموت كل الضمائر ، ولكنى أشير هنا إلى واقع بات يهدد المجتمع ككل ، من خلال مظاهر غياب الضمير في الشارع ، فعندما تسيطر لغة المصالح على حساب أمانة الكلمة وأمانة القول وأمانة الفعل ، وعندما نجد من يتعمد الاهتمام بمصلحته الخاصة على حساب مصالح العباد ، عندما تغيب التربية على الإيثار، ويسود الأنا والكبر ، ويتلاشى التواضع والعطاء، عندما نرى مجتمع يسعى بعض من فقدوا ضمائرهم إلى تأجيج الطائفية والإساءة إلى أبناء المجتمع انطلاقاً من البحث عن المصالح الشخصية ، عندما نرى من يؤجج روح الحقد بين أبناء المجتمع مستغلاً منابر إعلامية، ويسعى من خلال ذلك إلى تهديد أمن المجتمع ، عندما يسود الظلم وتغيب العدالة الاجتماعية ،عندما نرى من يضرب الثانوية العامة فى مقتل من خلال التسريبات المقصودة لاختباراتها ، وما ترتب على ذلك من غياب معيار العدالة بين الطلاب ، و عندما نرى تقصير المعلم في أداء رسالته ونشير إلى المعلم باعتباره الأساس الذي يقع عليه مسئولية التربية داخل المدرسة ، والذي يربى الجميع ،فإن أحسن كان الخير كل الخير للمجتمع ، وإن أساء كان الويل كل الويل للمجتمع .
ولعل البعض يسأل لماذا نرى احترام الشارع والحرص على النظافة العامة واحترام المرور في المجتمع الغربي وغيرها من الخصال الايجابية ؟ فهل يرجع ذلك إلى احترام القانون أم إلى الرقابة الذاتية التي تمثل الدافع لممارسة تلك السلوكيات الحضارية ، وهل هذا مرجعه إلى الضمير أم إلى التربية التي تمارس مع الأبناء منذ نعومة أظفارهم في مرحلة الطفولة ؟
إن الحديث عن الضمير وتربيته لا ينفصل أبدا عن النظام العام وتطبيق القانون الذي يمثل وجهة الضبط الخارجي لحركة المجتمع ونظامه ، ومن هنا كان دور الأسرة ومعها المدرسة في تربية الضمير الحي ، ثم دور القوانين التي تضبط التوجه العام الذي يرتضيه المجتمع ويتوافق عليه الجميع، وعندما تلتقي الرقابة الذاتية المتمثلة في الضمير مع الرقابة الخارجية المتمثلة في القانون يكون النظام نموذجاً يصدر البعد الحضاري المنشود .
ما الفرق بين أصحاب الضمير المريض وأصحاب الضمير الميت ؟
والضمير المريض ترى صاحبه يخطئ ويصيب، وإذا أخطأ لام نفسه، ورجع إلى صوابه، والرجوع إلى الحق فضيلة.
أما الضمير الميت، ونعوذ بالله منه، فترى صاحبه يدبر لغيره المكايد، والمصائب، حتى إذا أوقعه فيها سر لذلك سروراً كبيراً
لماذا يختفي الضمير ؟
الضمير شيء حسي بداخل القلوب فعندما يغرق القلب بالظلمات والتكبر والغرور والانخداع تعلو الأنا والشهوات على صوت الضمير ويصبح صوت الضمير يكاد يكون منعدما ،فإذا علا صوت الأنا على الضمير ذهب العطف على الصغير فإذا علا صوت الأنا على الضمير ذهب الإحساس بالشيخ الكبير فإذا علا صوت الأنا على الضمير ذهب من حولك صغيراً كان أم كبيراً .
ما أهمّية الضّمير ؟
الصوت الذي يحرك فى صاحبه العدالة .. ومكارم الأخلاق …التواضع ••• الاستقامة ••• الإخلاص وكل ما هو صالح • هو صوت يلازمه أينما كان ،وربما سأل سائل ••• إلى من ينتمي هذا الصوت؟ هو صوت يخص كل منا ويعيش داخله ••• إنه صوت ضمير كل منا •
ما طرق إعادة نبض الضمير ؟
أن تعزم على عدم العودة أو التفكير فقط في أن يغرق في الظلمات والصفات الذي يصفه بالتكبر
أن تتعرف أكثر على أهمية الضمير في الحياة .
أن تنظر لمستقبلك ومن حولك لكي تكون محبوب بين الناس لا منبوذ
وليس على من يريد أن يعالج ضميره إلا أن يتذكر دائماً قدرة الله عليه.
واليك عزيزي القارئ أجمل ما قيل ما قيل عن الضمير في الحكم والأمثال :
• المال يخدر الضمير
• السلطة تخدر الضمير
• الضمير هو الآخر فينا
• الضمير يملك ولا يحكم
• الضمير الحي عيد متواصل
• جراح الضمير لا تلتئم أبدا
• الضمير الحي وسادة ناعمة
• طلاقة الوجه عنوان الضمير
• لا سعادة تعادل راحة الضمير
• رقابة الضمير ولا رقابة الأمير
• الشهوة تصيب الضمير بالصدأ
• الضمير الحي عين الله في الأرض
• الضمير الحي خير من ألف شاهد
• الضمير أفضل مصدر للنوم العميق
• يمكنك غسل ثوبك لا غسل ضميرك
• قد يمنحنا الألم نوعا من يقظة الضمير
• الضمير الحي شعلة إلهية تضئ القلوب
• العبادة ينبوع الطمأنينة وراحة الضمير
• إن الضمير الطاهر للنفس كالصحة للجسد
• المال والحب والضمير ثلاثة يصنعون الأرق
• الضمير هو نور الذكاء لتمييز الخير من الشر
• الضمير لا يمنع الخطأ ولكن يمنع الاستمتاع به
• الضمير صوت هادئ يخبرك بان أحدا ينظر إليك
• في أعمق أعماق كل امرئ محكمة يبدأ فيها بمحاكمة نفسه بنفسه
• حتى الأصم لا يستطيع الهروب من صوت الضمير إذا بدأ بمحاكمته
• أقدام متعبة وضمير مستريح خير من ضمير متعب وأقدام مستريحة
• الصديق الحق هو الذي يكون مرآة لضمير صديقه إذا ما نظر إليه رأى ضميره
• يستحيل إرضاء الناس في كل الأمور ولذا فان همنا الوحيد ينبغي أن ينحصر في إرضاء ضمائرنا
• إن صوت الضمير من الرقة وسرعة العطب بحيث يسهل خنقه ولكنه من الصفاء بحيث يستحيل إنكاره .
وأخيرا لكي نحقق سعادة النفس وراحة البال ، فلابد من استعادة الضمير ، ولكي ينهض المجتمع لن يتم ذلك إلا من خلال التربية الصادقة للضمير الحي ، والى أن نرى الضمير واقعاً يمارس في واقعنا الاجتماعي والسياسي والثقافي والتعليمي، ننتظر دور المؤسسات وعلى رأسها الأسرة والإعلام في ممارسة دورها الفاعل فى تربية ضمائر ابناء المجتمع الواحد . .
الوسومصلاح عبد السميع عبد الرازق
شاهد أيضاً
“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “
بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …