بقلم / مايكل عزيز البشموري
عاهدت نفسي بأن لا أتحدث عن الحوادث الطائفية المتكررة التى يتعرض لها المسيحيون المصريون ، فالسبب وراء ذلك يرجع ، لـ تواطؤ قادة الكنيسة القبطية ، وصمتهم المخزي إزاء كل حادثة طائفية ، يتعرض اليها شعبهم ، وذلك من قبل المتطرفين الإسلاميون ، وهذا التواطؤ المصحوب دائماً بالصمت ، أدي إلى تجاهل الحكومات المصرية المتعاقبة لمطالب وحقوق مواطنيها الاقباط .
مشكلتنا الحقيقية تكمن فى عدم وجود قيادة قبطية سياسية تمثل مصالح الأقلية القبطية داخل مصر ، وما يوجد حالياً هو قيادة دينية مرتعشة تلعب أدواراً سياسية ، وقد دفعت الكنيسة والأقباط الثمن باهظاً وراء لعب رجال الدين الاقباط ذلك الدور ، وطالما لا يوجد لدينا قيادة مدنية حقيقية تعمل على خدمة مصالح الشعب القبطي ، سنرى تكرار المسلسل والسيناريو الطائفى الذي تعايشناه على مدار الستون عام الماضية ، ومازلنا نتعايشه حتى الآن .
بالطبع سيسألنى أحدهم : ما العمل إذن ؟؟!
الإجابة قديمة ومتكررة : نحن نفتقد للآليات الشرعية التى من شأنها تدعيم فكرة المواطنة والدولة المدنية ، وبناءاً عليه يحتدم علينا تفعيل المؤسسات المدنية القبطية المعترف بها رسمياً لدي الحكومة المصرية ، وعلى رأس تلك المؤسسات ( المجلس الملى العام ) الذى من إختصاصه إدارة شئون الطائفة القبطية ، وقد تم تجميد المجلس الملى عن قصد من جانب الكنيسة والدولة ، اللتان تحققان أهدافاً مشتركة لصالحهما من وراء إغلاق هذا المجلس .
وهنا سيُطرح أحدهم سؤالاً آخر : لماذا لا يُفعل المجلس الملى حتى تلك اللحظة ؟!
الإجابة ببساطة : لان المجلس الملى مؤسسة مدنية ونحن نفتقد لقواعد الدولة المدنية ( راجع مسودة الدستور المعيب ) ، وبالنسبة لقادة الكنيسة القبطية ، فهم لا يريدون الدولة المدنية ( راجع تصريحات الانبا بولا حول هذا الشأن ) ، بل ويرفضون إعادة المجلس الملى من جديد ، والسبب فى ذلك يرجع : اولئك القادة يرون أن تفعيل المجلس سيحط من نفوذهم الكبير داخل المجتمع القبطي ، وبالتالي سيمنح العلمانيين الاقباط صلاحيات موسعة تتحكم في تصرفاتهم وأفعالهم عبر إدارة العلمانيين للمجلس ، وبناءاً عليه سيُسحب البساط السحري من تحت أقدامهم ، وسيُحرمون من أغلب الحقوق والامتيازات الممنوحة لهم من جانب الدولة المصرية .
هنا نرى أن الكنيسة وقادتها باتوا الممثل الشرعي الوحيد للجالية القبطية داخل جمهورية مصر العربية !!! ، لتصبح الكنيسة القبطية دولة داخل الدولة المصرية ، وهذا ليس محض إدعاء أو إفتراء ، ولكنه حقيقة وواقع حياتي يتعايشه أغلب الاقباط ، فالكنيسة أصبحت بالنسبة للكثير منا وطناً موازي ( نادي ، مسرح ، رحلات ، مؤتمرات ، مهرجانات ، مؤسسة اقتصادية ، محلات لبيع المستلزمات الصحية والمأكولات – قنوات فضائية …. الخ ) ، وبالنسبة لحكومة مصر الشقيقة فباتت لا علاقة لها بأبناء الجالية القبطية !
والنتيجة ؟؟!!
النتيجة يبقى الوضع على ما هو عليه – بمعنى – لن تفعل الدولة المصرية شيئاً إزاء الحوادث الطائفية المتكررة التى يتعرض لها المسيحيون ، لاننا لا نخضع لسيطرتها ، ولكننا ضمنياً خاضعين لنفوذ الكنيسة وسطوة رجالها !
وبناءاً عليه ..
أصبحت لدى قناعات خاصة بأن الصمت هو الحل الوحيد للتعبير عن الاحتجاج الجامح الذي يُشعل خواطري ، لان المشكلة فينا .. العيب فينا .. نحن لا نؤمن بأنفسنا .. نحن لا نحترم أنفسنا .. ولا نؤمن بالدولة المدنية .. نحن فاشلون .. بل والاخطر من ذلك ، لقد احتقرنا أنفسنا عندما جعلنا من أصحاب العمم السوداء أبطالاً شجعان على حساب كرامتنا ورجولتنا ، فأصبحنا الشعب الوحيد بالعالم الذي يطلق على رجال دينه لقب : الأسود ، ونحن الأقلية المسيحية الوحيدة فى العالم التى ليس لديها قادة سياسيين .
وهنا لا يسعني سوي مطالبة شعبنا العظيم الاستمتاع بالإضطهاد ، وتقبل الألم بسرور ؛ بالاضافة لضرب المطانيات يومياً لإسيادنا الأساقفة الأسـود !
– خواطر :
السماء لا تحمي المغفلين