و للإخوان تاريخ طويل في تأسيس فكرهم الديني الأيدولوجي بدول أوروبا، فبين ثورتي 1952- 2011، ستين سنة. وكانت لمحور الشر الثلاثي،للمخابرات البريطانية، الأمريكية، الألمانية آنذاك رعاية بذرة الإخوان الأولى.
حين دعموا تنظيم حسن البنا لإسقاط مصر و الإطاحة بالزعيم عبد الناصر بعد الثورة ولكسر النفوذ الروسي بمصر. ومحاولتين فاشلتين لإغتياله والإنقلاب عليه.
وكما لعب الإخوان دور ” اللهو الخفي” في ثورة 25 يناير من حرق لمصر، كانوا أيضاً اليد الخفية في حادث حريق القاهرة أثناء ثورة 1952.
فقام المصريين بحرق مقراتهم في خمسينيات القرن الماضي بعد فضح تورطهم مع السفارة البريطانية بالقاهرة ليتولوا حكم مصر مقابل قناة السويس وهو ما دفع عبد الناصر لتأميمها رداً على مخططات بريطانيا وتحريضهم لإغتياله في حادث المنشية بالأسكندرية من خلال الإرهابي سعيد رمضان في أكتوبر 1954
– بدأ تأسيس الإخوان وفكرهم المتطرف خارج مصر، وتحديداً في سويسرا أولاً، بتجنيد أعضاء من الإخوان منهم الدكتور سعيد رمضان عضو الإخوان وزوج إبنة ” لحسن البنا” وسكرتيره الخاص.
وحسن البنا كما هو معروف أصله، يهودي مغربي، زرعته حركة الماسونية السرية لتأسيس الجماعة
كما كشف عباس العقاد هذه الحقيقة التاريخية عام 1949 و أكدها الإمام محمد الغزالي في كتابه “قذائف الحق”. أما سعيد رمضان فكان أحد المؤسسين للجماعة و وأحد المدبرين لإغتيال الزعيم جمال عبد الناصر1954 بناء على أوامر المخابرات البريطانية، أيضاً بإنقلابهم الفاشل ضد عبد الناصر عام1965 والذي تم بسببه إعدام الإرهابي الماسوني سيد قطب ( الأب الروحي والمؤسس لفكر الجماعة) .
– أما سعيد فكان دوره حلقة الإتصال المباشرة بين أجهزة المخابرات الغربية ( الأوروبية- الأمريكية) وبين الجماعة، و أهم شخصية إخوانية عملت على توطين نشاط الإخوان وفكرهم بدول أوروبا وهو نفس الدور الذي يتبناه اليوم إبنه طارق رمضانً بألمانيا و سويسرا كمقراً لنشاطه.
قام سعيد بإقصاء المسلمين المحليين من إدارة المسجد الذين بنوه عام 1958 وحوله إلى واحد من أهم المراكز التى يسيطر عليها الإخوان فى أوروبا، وصار أول مكان لتجميعهم ونشاطهم بأوروبا، وفي الثمانينيات إختارت الجماعة المرشد السابق مهدى عاكف ليتولى إدارة مركز ميونخ الإسلامي الذى ساهم فى نمو غير مسبوق لتنظيمات التيارات المتطرفة فى أوروبا.
وفي 1961 أنشا المركز الثاني بجنيف، وأسس المركز الثالث في ألمانيا لتصبح سويسرا وألمانيا معاقل لنشاطهم، وكما ذكر المؤلف ريتشارد ليبفيير في كتابه “دولارات لدعم الإرهاب.
لتجد المخابرات البريطانية في رمضان ضالتها لإغتيال جمال عبد الناصر، فصار عميلاً للمخابرات البريطانية والأمريكية والألمانية وظل يتنقل بين تلك الدول بجانب سويسرا، حيث أقام فترة في نيويورك معقل الماسونية.
تاريخ الإخوان مع المخابرات الأمريكية ممتد وطويل، أبان ثورة 1952،وكما قال “راند باول” بأن أمريكا ظلت تدعم وتغذي الأصوليين بالمال والذخيرة ممثلاً في تنظيم القاعدة.
و نفس الشيء اليوم مع الإخوان في مصر وكل الدول العربية ومع متمردي سوريا، بالدعم اللوجستي لإسقاط الدول العربية.
– إلتقى سعيد رمضان بالرئيس الأميركى إيزنهاور بالبيت الأبيض سنة 1953،لكي يبقي على نشاطهم المتطرف في أوروبا بحجة محاربة الشيوعية. وكان ضابط الإتصال بينهما عميل المخابرات “الـسي آي إيه” الشهير روبرت دريهارد.
ومنذ هذا التاريخ وعلى مدار ستين سنة، أصبح الإخوان رمزاً لخيانة الأوطان وبيعها لأسيادهم، خصوصاً ولائهم للبريطانيين والأمريكان، يؤدون نفس الدور الذي كلفتهم به أمريكا أثناء ثورة 25 يناير، حفاظاً على أمن إسرائيل
وولاءاً لتنظيم الصهيونية العالمية التي تتحكم اليوم في النظام الدولي العالمي، سياسياً وإقتصاديا وعسكريا ويمتلكون الأهداف الرئيسية و العقيدة الفكرية لصياغة المؤامرات وإفتعال الأزمات بتحريك الأحداث بدول العالم خصوصا المنطقة العربية. ويشكل الإخوان ذراعهم الأيمن الذي أنشاته تلك الحركة الماسونية يوم إستقطبت حسن البنا ودفعت به لتأسيس الجماعة.
– كان للصحفي الكندي إيان جونسون الحائز على جائزة البوليتزر عام 2001، كتاب ( مسجد في ميونخ ) :
A Mosque in Munich: Nazis, the CIA, and the Rise of the Muslim Brotherhood in the West
عنوانه كاملاً: (مسجد في ميونيخ.. النازيون.. وكالة الاستخبارات المركزية.. وبزوغ نجم الإخوان المسلمين في الغرب.)
يدعمه بالوثائق والمستندات والبحث الميداني في رحلة إلى مسجد الإخوان بميونخ لتتبع نشاطهم من أمريكا إلى ميونخ حيث إنطلقوا لدول اوروبا من هذا المركز بميونخ. حين أخذت الجماعة تمويل سنة 1939، وقدره ألفين جنيه من المخابرات الألمانية النازية وهذا المبلغ ما أسسوا به التنظيم في مصر. بحسب ما ذكره المؤلف في الصفحة 194 :
( ذهبت جماعة الإخوان أشواطا بعيدة, إلي الحد الذي قبلت معه أموالا من العملاء النازيين, فوفقا لمستندات تحصل عليها البريطانيون, في بداية الحرب العالمية الثانية, فقد حصل الإخوان علي مبلغ ألفي جنيه مصري من الصحفي الألماني فيلهلم شتيلبوغن مدير وكالة الأنباء الألمانية المقرب من الجالية الألمانية بالقاهرة.. وتم إستخدام هذا التمويل النازي في تأسيس التنظيم الخاص لجماعة الإخوان.. هو نظام تراتبي شبه عسكري. )
ويشير المؤلف في نفس الكتاب عن الدكتور سعيد رمضان في كتابه إلي أن اللقاء الأول بين الأمريكيين وسعيد رمضان في 1953 بمؤتمر إسلامي إستضافته جامعة برنستون الأمريكية, كمندوب عن الجماعة، ودارت المناقشات حول توظيف الدين في العلاقات الدولية, وقد مول المؤتمر، الوكالة الأمريكية للمعلومات وجامعة برنستون ومكتبة الكونجرس ووزارة الخارجية الأمريكية, وجميعها مؤسسات تابعة لـ CIA.
وتم لقاء رمضان الشهير بالرئيس الأمريكي أيزنهاور في 23 سبتمبر1953 حيث بدأ الإهتمام العالمي برمضان حين وظفته أمريكا مسئولاً عن العلاقات الدولة.
ثم توالت لقاءات رمضان مع المسئولين الأمريكيين. تم فيها تشكيل رمضان وتجنيده لإرساله وإستلام الملف الديني في ألمانيا.
عاد من أمريكا لمصر ثم إتجه للسعودية وأخذ جواز سفر أردني ومنها إلى ألمانيا حيث الإسلاميين النازيين، التابعين لهتلر، يتمركزون في ميونخ ليتسع نشاط الجماعة.
وكان هدف أيزنهاور من إنشاء هذا المركز هو محاربة الشيوعية وشدد على ضرورة الحرب المقدسة بين الإسلاميين والشيوعية. على حد تعبير مؤلف الكتاب.
– ثم يكمل في صفحة 309 ويقول عندما ذهب سعيد رمضان لإدارة مركز ميونخ:( حيث مضى قدماً بالمركز الإسلامي بميونخ،عبر مسار طوى على قدر من المغامرة، إذ سيضحى المركز منظمة قومية لها أفرع في القارة الأمريكية، مرسية حجر الأساس لمنظمات أوروبية ماتزال قائمة إلى اليوم.
بما يؤكد أن نسخة الإخوان المسلمون المعتمدة للإسلام سيقيض لها أن تكون النسخة الأكثر نفوذاً في الغرب بأسره. إن مسجد ميونخ سيصبح محوراً للجهاد.
إذ عمد القائمون عليه إلى تجنيد الشباب للحرب في البوسنة. كذلك فإن من أُدينوا لاحقاً بالإرهاب سيعمدون إلى إختيار مسجد ميونخ كوجهتهم المفضلة لائذين بأعتابه… وفي تلك الأثناء كانت أهمية المركز الإسلامي بميونخ ماتزال آخذة في الإزدياد… ليعكس مدى إنتشاره على إمتداد البلاد حيث كان له افرع في جميع المدن الرئيسية في ألمانيا.)
ويذكر أنه حين وجد النازيين الألمان أن الجنود السوفيت الإسلاميين الذين وقعوا فى أسرهم، ساخطون على الزعيم السوفيتى جوزيف ستالين وكارهون لنظامه، حين شارك بين 150 و300 ألف سوفيتى فى الحرب العالمية الثانية، ففكروا فى إستخدامهم كطابور خامس داخل الجمهوريات الروسية، وتولى هذه المهمة رجل يدعى «جيرهارد فون» بدأ بإستغلال الإسلاميين السوفييت لصالح النازية الألمانية، وبعد هزيمة ألمانيا واصل «فون» نشاطه المعادى للشيوعية. وتحولت ميونخ، بسبب وجود عدد كبير من الإسلاميين السوفيت إلى مركزأ لهؤلاء الذين إنضم إليهم عدد من النازيين السابقين والمنظمات التابعة للمخابرات الأمريكية.
وبحسب المؤلف فإن الغرب ولعقود طويلة تحالفوا مع الإسلاميين لضرب الحركات القومية واليسارية، وحتى بعد 11 سبتمبر، وأن واشنطن وجدت فى نشاطهم الديني السياسي شريكاً مريحا لها فى الشرق الأوسط. فتعمقت العلاقات الأمريكية بالإخوان منذ ذلك التاريخ كما مدوا جذور فكرهم لينتشر في أوروبا عن طريق بئر الخيانة الأولى، ألمانيا.