حريتي في الحياة هي نضجي لمفهوم الحياة نفسه وليس بحسب نضج الأخرين . فأنا أشبهني . أشبه نفسي، وأتعلم من غيري، ويظل النضج مسألة نسبية تحكمها عوامل ثقافية معقدة و كثيرة. فلنبحث عن الأرضية المشتركة التي تجمع جانبنا الإنساني الحميمي في التواصل. لا لأن تتعالى علي من حولك بما لديك من نضج يتخطاني.
أفعل الأشياء بحسب قناعتك، و بمتعة شديدة وتفنُن ولا تنتبه كم من الزمن مر عليك وأنت تفعل. كي لا تشعر بقصر عمر لحظات الفرح ولا بطول زمن الأحزان.
النضج أن تشعر بالمسئولية رغم الإنتقادات التي تحيطك أو تحبطك وتؤذيك وقد تُوصف بأنك مجنون أو ساذج أو حتى مريض وتحتاج لمصحة. انصت و اصمت بتواضع و أنت تستمع لإنتقادك لتتعلم وجهات نظر غيرك وإن كانت لاذعة، يكفيك أنك تمثل للأخرين شيئاً،حتى وإن لم ترتق لتمثل لهم إنساناً. فلستَ مضطرا لتبرير أقوالك أو أفعالك. فمن يفهمك سيفهمك دون ان تتكلم ودون أن تبرر، ومن سيظن بك السوء، حتى لو حلفت له على الماء تتجمد لن يصدقك إلا ما يريد أن يفهمه ويصدقه، فكلٌ سينظر بعينيّ طبعه. فدع الأشياء تمر وتعبر بسلام دون أن تشرخك من داخلك. ثم أكمل المسير بنفس صمتك.
تعلمت منذ زمن بعيد أن حريتي” سُكنى غيمتي” وعالمي الصغير الذي لا تتعدى مساحته ذراعيّ حين أفتحهم عن آخرهم. وأن أختلي بكينونتي التي هي أنايّ. لأصقل عملي وفكري كل يوم، و أنصت لما يقوله قلبي.
أفصل بين ديني و دنيتي، بين حياتي الخاصة وحياتي العامة وبين عملي وما يجب أن أقوم به من دور و رسالة. ولكني أحيا بوجه واحد، فكل هذه الجوانب الحياتية هي في المحصلة النهائية، أنا، أفكر في كل هذه الجوانب منفصلين عن بعضهم كي لا أخلط الأوراق وأمور حياتي فأصبح متناقضاً أو مشوشاً فكرياً ومتردداً نفسياً، و أصير في النهاية متناقضاً بيني وبين نفسي. فإن لم تصر مقتنعا بذاتك فكيف ستحاول أن تقوم بواجباتك ورسالتك وتقنع بها غيرك ومن حولك؟ الضعف والهزيمة ليسوا عيباً بل هم رصيدنا في لحظاتنا البائسة وتعزيتنا حين نشعر بغربة الأيام فتصبرنا عليها.
المثل بيقول يا بخت من بات مظلوم ولا باتش ظالم. إن لم تدرك كل الأشياء، فيكفيك ما أدركته بيديك ولامست حقيقته يوماً.أن نتلامس مع حقيقة الأمور فهذا سبب كافي لكي تشعر بالسعادة وما أنجزته في حياتك. فكر في مسئولياتك وأنجزها قدر المستطاع كأنك ستموت غداً ولا تفكر في الغد نفسه، يكفي اليوم شره.
_ تقول هيلن كيلر تلك الإنسانة التي حرمت من كل متع الحياة ، من سمع وبصر ونطق، حد انها عاشت محرومة من الحياة لا تعرف عنها إلا ما تلمسه أناملها، بلا صورة ولا ألوان ولا حركة:
” لقد أعطاني الله الكثير جداً من النعم، وليس لدي وقت للتفكير فيما حرمني منه.”
تعلمت خمسة لغات و وصلت لأعلى درجات علمية. لتعلمنا أن الإعاقة والعجز الحقيقي موجودين بس في طريقة تفكيرنا تجاه أنفسنا، قبل الأخرين !!
الوسومنانا جاورجيوس
شاهد أيضاً
“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “
بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …