مصر ليست وطنا نعيش فية بل وطن يعيش فينا … بهذة الكلمات الخالدة المؤثرة وصف الراحل قداسة البابا شنودة الثالث علاقة المصريين بمصر عبر التاريخ … في حب مصر تنصهر كل الاعراق والديانات والثقافات ليخرج منها المكون المصري القائم علي حب الوطن الخالص من اي انتماءات ويجب ان ندرك ان حب الوطن ليس شعار نرفعه من جل تحقيق مكاسب بل يجب ان يكون ايمان ثابت داخل كل انسان يعيش علي ارض مصر .
مصر مجتمع متعدد الثقافات والاعراق والديانات فقد عاش فية المسلم بجانب اليهودي والمسيحي في نفس العمارة والشارع فلم تعرف مصر نظام المناطق والاحياء الخاصة باصحاب كل ديانة مثل لبنان علي سبيل المثل ففي نفس الشارع نجد المسجد والكنيسة والمعبد اليهودي متجاورين علامة علي التعددية التي تعيشها مصر عبر تاريخها وهي تعددية ليست دينية فقط ولكنة عرقية ايضا حيث مازالت تعيش في مصر جالية يونانية كبيرة بجانب جاليات ارمنية وايطالية وفرنسية وجالية يهودية صغيرة مازال افرادها يعيشون في القاهرة والاسكندرية وقد لا يعرف الكثير من الناس ان اول رئيس وزراء لمصر كان ارمني مسيحي < نوبار باشا > الذي شغل هذا المنصب ثلاث مرات الأولى كانت من 28 أغسطس 1878م وحتى 23 فبراير 1879م وكانت ثاني وزاراته من 10 يناير 1884م إلى 9 يونيو 1888م وآخر وزاراته كانت من 15 أبريل 1894م حتى 12 نوفمبر 1895م وهو نفس المصب الذي شغلة في عصر اخر < بطرس غالي باشا > من 12 نوفمبر 1908م إلى 1910م < والده نيروز غالي > كان ناظرا للدائرة السنية لشقيق الخديوي إسماعيل .
فلم تعرف مصر في هذة العصور تقسيم المناصب علي اساس ديني او عرقي فقد كانت الكفاءة هي الاساس في الاختيار وهي نفس الروح التي تجلت مع قيام ثورة عام 1919م بقيادة سعد زغلول باشا وشعارها الشهير < عاش الهلال مع الصليب > وهو شعار تجلي علي ارض الواقع في ذلك الزمان فقد كان سعد باشا زغلول زعيم الامة علي حق وكنت السيدة صفية زغلول ام المصريين بالفعل فقد شكل تاسيس الوفد المصر بداية حقيقة لتجسيد وحدة الشعب المصري ضد الاحتلال البريطاني دون النظر الي الدين وقد مثل حزب الوفد منذ تاسيسة نقطة محوارية وهامة في تاريخ الوحدة الوطنية المصرية وفي تاسيس مبأية العيش المشترك علي اسس وطنية وليس دينية .
سيبقي الاقباط جزء لا يتجزاء من النسيج الوطني المصري ولن يتحولوا الي اقلية مهما حاول المغرضيين في الداخل او الخارج لان المسيحيين وطنية وحضارة وتاريخ في المجتمع المصري عبر العصور .
لا شك ان الحوادث الاخيرة ومنها حادث تجريد السيدة المسنة من ملابسها في المنيا وحادث الهجوم علي مبني خدمات في منطقة العامرية بالاسكندرية لمجرد الشك انة سيتحول الي كنيسة وغيرها من حوادث تؤكد ان هناك خلل اصبح موجود في المجتمع المصري يجب علاجة باقصي سرعة وذلك لن يتحقق الا عن طريق عدد من الامور يجب الاسراع في تنفيذها وهي من وجهة نظري … الغاء خانة الديانة في البطاقة … تطوير وتنقية المناهج التعليمية … تحديث الخطاب الديني الاسلامي والمسيحي … الغاء الجلسات العرفية وسيادة القانون علي الجميع … الحد من سيطرة التيارات المتطرفة علي القري والنجوع والمناطق الشعبية والعشوائية من خلال اقامة المراكز ثقافية ودور العرض السينمائية والمسرحية … عمل اختبارات دورية للمعلمين ورجال الدين للتاكد من خلو فكرهم من الافكار المتطرفة … الاختيار في المناصب القيادية يكون حسب الكفاءة فليس من المعقول ان يتم حرمان اي طالب مسيحي من التعين معيد في قسم النساء والولادة بكليات الطب المختلفة لمجرد عامل الدين وهو امر ايضا مطبق في بعض المناصب والقطاعات الاخري في الدولة .
يجب ان ندرك ان تلك الامور لن تتحقق في يوم وليلة ولكن انا علي يقين تام ان الدولة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي عازمة علي تحويل مصر الي دولة ديمقراطية حديثة قائمة علي المساواة في الحقوق والوجبات دون النظر الي الدين او الجنس اواللون … دولة تؤمن بسيادة القانون علي الجميع .
الوسومكريم كمال
شاهد أيضاً
“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “
بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …