الإثنين , ديسمبر 23 2024

نانا جاورجيوس تكتب : لماذا سجنت زّخّات الغيم (5)

لنخرج من سِفر الأوجاع، فخديِّ الزمان مواعيدنا …

لا أجزع لقسوة الإنخطاف التي إنتابتني حين أخذتك الدنيا مني وغيبتنا عند مطلع مفترق الزمان.آن الأوان لأن نضحك من أشياء كانت بالأمس تبكينا. آن الأوان لنسخر من صراخات كم كتمت خفقاتنا بصمتها فينا. فالأمكنة ماتزال تحتفظ بنفس عطرها، والأزمنة حفرت على جبينها خطواتنا، فتكفل الزمان برعاية بذورنا، تنثرها يديه فينعش بها تربته. أراه في كل وجه يطالعني، أشم رائحته في كل يد تصافحني. وتفاصيل صغيرة موشومة في كفينا لا تموت مهما عبرتنا الوجوه، رسمتها ريشة شوقه بكفي، من لوعة الصبابا، من قزحية الأمواج تعانقني، بلهيب قلوب تُختبر ولا تحترق ولا تنطفئ ولا تُقتنص ولا تُسرق نشوتها. تركناها للزمان تكبر وتكبر في ذرات خلايانا.

فانثر عطرك أمام شفاهي ثم اكمل المسير حتى وإن قابلتنا خطوات السِفر الأخير، حتى وإن إشتهى كلانا السير عند مفترق المسير، فخفقات الحب وحدها إلتقاء غرباء الطريق ومناجاة زقزقة العصافير ووعد الناجيين من تساقط شهب موت الصواعق. لا أنازل حباً، فقط سأحب أقل كي لا أموت قبل أن أحب أكثر، وإن كانت سعادتنا القصوى حين نغدقه تطرفاُ كالحب الفرعوني في حكايات الأساطير.

كم بكتنا آثار أقدامنا بما يكفينا وظلالنا تتماهى لتخترق عزلة منافينا، ولكنها الشمس لابد لها أن تشرق كل صباح شرقا وغربا، تجري ولا تتوقف لديمومة الحياة فينا، وطفل الهوى يداعب خياله فتهفو إليه نفسي، صدقت وعود الفجر الملونة حين ألقى بردائه الإرجواني فوق صهوة موجة تصهل زفرتها حنين فنقرت فينا كؤوس الفرح. اشهد أنك النهر حين يهدر في كأسي فيكسوني بالإقحوان والبنفسج والنرجس.وحين ينساب عذبه يرتمي بين ذراعيّ فيضانه، يروي حقولي السندسية الخضر.اء فلم تزل كلماتك تدهش وتُسكِر ويجري شهدك فوق شفاهي المفعمة بفرحك.

ஜ۩۞۩ஜ

أستشهد على صدرك …

سألت كيف تعلمني أحيا حبك وأعشق أنفاسك أكتر مما تحبني، سألتك خوفي لحب يكبر فيّ وفي دوخة دمي من عطر حنينك الذي حضنتني فيه. كنت أرتعد إقترباً منك لأحتوي حباً جارفاً مزجنا في غفوته كلما إحتويتني فيك. كنت أرتعب من بحرك و من سفينتك وحالة عدم التوازن التي أشعر بها تمزق تفاصيلي وتبعثر دمي فيك وتتلاشى ملامحي في ملامسك.

كفيك صارت مدينة أوسع من حضني وأكبر من نبضي. أتشمم الآن رائحة خطواتك الأولى و ندى لهفتك وأثيرك يعبر أنفاسي كما كنا في طفولتنا فتسري في نفسي الطمأنينة التي أفتقدها. حبي الأول أنت والأخير وشغفي لعينيك كما يتعلق الغريق بحبل الأمل الممدود إليه حين يتأرجح على غصن يهتز بعنف وشدة ومن خوف الفقد.

هل يمكنك أن تدخلني دفعة واحدة لقلبك وذاكرة نبضك حتى تغطي موجتنا العاتية أقدامنا؟ كيف أتسلل لنبضك لأرتشف دوار غفوتك . قلت إن شعرت بالأمان بين يديك سيكبر حبنا لنتخطى عشق الألهة ودراويش المتاهات الحفاة، نختزل فينا مسافات العالم وعوائقه التي تفصلنا. وأن كلماتي ستعجز يوماً عن وصف رعشات حبك المخفي في هذيان كأسي.بعثر نبضي فوق إهتزازات رجفاتك كي لا يسرقنا الزمان وتفرقنا الأيام.

قلت خايفة أعوم في بحرك الغميق، خايفة ألا أصل يوماً لشطك ولا أعرفني حين أتخطى إليك لتحضنني في جذوة شططك. استشهد على صدرك. فلا تجعل صدري مقبرة لحبنا ولنا. أستعيد شريط الغموض الذي كم أكتنفتني كلماته، أفككه كل يوم حتى مطلع فجري لتهدأ حيرتي وكلمات ظلت محفورة كنبوآت متلاحمة ومعقودة كلؤلؤ من عِقد طوقته حول خاصرتي كي لا أنسى تميمتك، سامحني لم أدركها كل هذه الفصول التي حضنتنا تحت مطرك إلا الآن يا قلبي.وكلما تفتحت عينيّ عليها وفككتها كلما بكيتك بحرقة كل فجرٍ.

صدري سيبقى عارياً ومفتوحا عن آخره ليحتويك بكلك إلى أن يلوح فجراً جديداً يلملمنا فيه وهذا الشتات من الألم وتباريحه الموجعة. أحتاج النوم على حنين صدرك وحده من كان يسمع نبضي حين ينتفض بخوفه، تأخذني فيك وتدفئني وأغطيك بحنايا أنفاسي وشغفي وكل آلام جسدي. كلما إرتحلت ينتابني ألم الغربة ويجتاحني الحرمان وإحساس الفقد، وامواج مدّك التي كم غطتني تتلاشى في حواسي تهدئ أوجاع الغربة حد أذوب فيك فيذوب هذا الجرح. يؤذيني غيابك بعد أن إحتواني حضنك. استشهد على صدرك. فلا تجعل حضن غفوة الحب مقبرتنا.

__ من ذاكرة ألم البحر

شاهد أيضاً

المصريون يعتقدون بأن “الأكل مع الميت” فى المنام يعني قرب الموت .. وعالم يؤكد بأنه خير

يستيقظ جزء كبير من المصريين باحثين عن تفسير ما كانوا يحلمون به بالليل بل ويقضون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.