الكاتب : مايكل عزيز البشموري
أتذكر جيداً عندما زار الرئيس التركى رجب طيب اردوغان بلادنا مصر ، بعد ثورة 25 يناير والاطاحة بنظام مبارك مباشرتاً ، أتذكر أن أردوغان نصح الاخوان والمصريين وقتئذ ، تبني النموذج العلماني المتبع في بلاده لنجاح ثورتهم ؛ ولكن للاسف قوبلت نصيحته بالرفض المطلق من جانب فصائل الإسلاميين وعلى رأسهم الاخوان ، لإن الاخوان وقتها كانوا يشعرون بقوتهم على الساحة السياسية ، لاسيما بعد مجهودات وإسهامات كوادرهم الشبابية فى نجاح ثورة يناير ، وقيادتهم للشارع المصري عبر الصفحات الثورية مثل صفحة : ”كلنا خالد سعيد“ وغيرها من الصفحات الفيسبوكية ، فكان قادة (مكتب الإرشاد) يَرَوْن أنه من الضروري آنذاك ، بسط مشروعهم السياسي الخاص على أرض الواقع وبأسرع وقت ممكن ، فالأجواء العامة كانت تُهيئ لهم ذلك ، وكالعادة كبرياء وطموحات الاخوان غررّت بهم ، ليتناسوا أنهم أطاحوا بشخص ( مبارك ) فقط ، وليس بنظامه العسكري ، الممسك بمقاليد البلاد ، ومن ثم لا توجد أرضية سياسية خصبة تحمى مشروعهم السياسي الإسلامى من بطش هذا النظام العسكري ، الذي أسقطهم بالفعل وأدخلهم السجون والمعتقلات بعد سنتين فقط من عمر الثورة المصرية الشبابية ، والفضل بذلك يرجع لحماقاتهم المعهودة ، فهم تمردوا على قواعد اللعبة السياسية المتبعة وحاولوا الاستئثار والإنفراد بالسلطة وحدهم ، وكانت تلك الخطوات بداية نهاية مشروعهم الإسلامى بمصر .
المغزي من الحديث ، الإسلاميين فى مصر لم يتعلموا العقلانية من نظرائهم الإسلاميين في تركيا وتونس ؛ فإسلاميين تركيا على وجه التحديد إستطاعوا ببرجماتية يحسدون عليها ، التعايش السلمى والقبول بقواعد اللعبة السياسية المتبعة ببلادهم ، لتدعيم أيدلوجيتهم الدينية ولإنجاح مشروعهم السياسي الخاص ، وإستخدموا فى ذلك مفردات سياسية جديدة ، بدلا ًمن الخطاب التصادمي الذى تبنوه من قبل ، لتتناسب تلك المفردات الجديدة مع المفهوم العلماني الديمقراطي المعمول به فى وطنهم ؛ وبناء على ذلك نجح إخوان تركيا للوصول على رأس السلطة السياسية ، نتيجة احترامهم قواعد اللعبة السياسية ، وخضوعهم للنظام العلماني القائم – وتلك العلمانية – التى نبذها أشقائهم فى مصر هى ذاتها التى حمت إخوان تركيا وتونس من بطش العسكر وإنقلابات جنرالات الجيش عليهم ، ومن هنا نستطيع الإجابة على السؤال عالية ؛ من يربح : علمانية أتاتورك أم إسلامية أردوغان ؟! الإجابة : فى الحقيقة لا هذا ولا ذاك ولكن الشعب التركي وحده هو الرابح الأكبر من تحالف الإسلاميين وإنفتاحهم حول المفهوم العلماني ، وهو الامر الذي جعل تركيا تجنى مكتسبات وثمار هذا التحالف الغريب من نوعه ، لتتبوأ مكانتها ونفوذها مرةً أخري لدي العالم الاسلامي ، وتلك الاحجية الصعبة ، قد فك رموزها الشاب الثوري رجب طيب أردوغان عندما كان يقبع داخل سجون عسكر تركيا ؛ فكان لا ملاذ له ولجماعته الشبابية المتحمسة للمشروع الاسلامي، سوى القبول بهذا الطرح آنف الذكر ، ومن ثم القبول بالعلمانية لتحقيق أهدافهم الايدلوجية ، وقد بدء أردوغان وجماعته من الصفر ، ونجح بقيادة جماعته وبلاده إلى الرخاء والسلام بعد ان كانت تركيا تتجرع ألم الفقر والاحتياج والديون ، وها هو أردوغان الان يعتبر أحد أعظم رؤساء وزعماء الدول الاسلامية على الإطلاق ، وهنا يأتى السؤال : متى سيتعلم ويستوعب الإسلاميين فى مصر هذا الدرس الأردوغاني ؟؟! – خواطر حزينة : نحن شعب لا يصلح معه سوى حكم العسكر !
الوسوممايكل عزيز البشموري
شاهد أيضاً
“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “
بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …