إيليا عدلي عضو اتحاد كتاب مصر
تهافت الهلافيت في علم جمع الفتافيت
4 يونيو، 2016 مقالات واراء
بقلم: إيليا عدلي
في عصر الغلاء هذا تسري في الأثيرهمهمات بائسة لفقراء .. زفرات هم لغارمات .. همسات مرتبكة لموظفين يتسولون التسائل من خبراء بعضهم البعض في مجال حسابات مفردات المرتب الصاعدة الهابطة ، كدرجات الأرصاد الجوية بدون تفسير واضح غير: تم خصم ضرائب..تم اضافة ضرائب .. ابتسامات فرحة غامرة لمدعوم زادت الحكومة دعمه بنسبة 20 % ، ومن فرحته أشترى آلة حاسبة ليحسب هذه النسبة للفرد في أسرته ليجدها .. ثلاثة جنيهات للفرد!! لتزداد ابتسامته تدريجياً حتى تنفجر الضحكات المؤلمات ، لتصيبه بفتق مؤلم ، يحتاج على أثره جراحة تكلفه ألف ضعف هذه الزيادة السعيدة. أين يكمن بيت الداء؟! كل هذا الكرب في بلد تعج بالموارد والامكانات ، بلد على ناصية .. يطل على قارتين ، بلد له شخصية تاريخية وجغرافية وبشرية .. بعد أن استعاد محمد على باشا وأحفاده جزء من شخصيتها ، عمل المخربون ، على مدار الأربعين عاماً الأخيرة ، على تجريف شخصيتها ، وانتهى الأمر إلى تكون سرطان خطير ينهش في جثتها وجثث مواطنيها ، هذا السرطان هو “الهلافيت” .. ومعنى كلمة “هلفوت” كما تعرفها القليل من معاجم اللغة هو: “الشخص عديم الفائدة” وهي كلمة قديمة ، قبطية الأصل ومعناها حينذاك: “الخادم الذي يركع” .. وهذا التعريف هو الأقرب للمعنى الحالي للهلافيت ، الذين يركعون كالعبيد للمال الحرام سواء كانت رشوة أو اختلاس ، وصلت تراكماتها في عهد المخلوع والمعزول إلى مئات المليارات كما خرجت بذلك تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات ، واللجنة التي راجعتها .. سواء إتفقا في الرقم أو اختلفا فيه ببضعة مئات من المليارات!! خطورة الهلافيت تتجاوز خطورة رؤساءهم بكثير ، بالرغم من أن فسادهم سببه الأساسي هو صمت رؤسائهم خوفا أو مشاركة أو كمونا وجموداً ، للإحتفاظ بالمنصب وملحقاته من سلطة ومرتب ضخم ، نجد أن الهلافيت خطورتهم في عددهم الكبير وانتشارهم بقاعدة الهرم ..هذه القاعدة التي يرتكز عليها النظام والدولة ، والثعالب الصغيرة مخربة للكروم أكثر من الثعالب الكبيرة ، لتهورها وسرعة حركتها المندفعة وسذاجتها .. ولا ننكر أن هذه القاعدة العريضة من الثعالب تحتاج إلى حكمة سياسية وجرأة وتشريع ، ننتظر أن نراها في قانون الخدمة المدنية الجديد ، وانحصار سرطان الهلافيت لن يحدث إلا بتطبيق العدالة الاجتماعية وتقريب المسافات بين الرواتب الشديدة التباين من وظيفة لأخرى ، حتى لو تساوى الموظفون في المؤهل الدراسي .. تجد أحدهم يتقاضى 150 % حوافز وزميله دفعته بوزارة أخرى يتقاضي 1500 % حوافز .. أي عشر أضعاف المسكين! وللأسف فإن الهلافيت استغلوا سلبيات الأنظمة السابقة ليحولوا “الهلفتة” إلى علم وفن ، فيتفنن الهلفوت في تسول رشوته بطرق عديدة تتفاوت من مواطن لآخر ، فهناك المواطن “المدردح” الفاهم المريح ، الذي “يشخلل جيبه” ويستمتع بسهولة وسيولة في الاجراءات وشراء إبتسامة الهلفوت بالرشوة .. وصولاً إلى المواطن المسكين صاحب المباديء الرافضة للرشوة ، فيبدأ الهلفوت بالتفنن في أن يجعله يركع في النهاية لدفع الرشوة أو على الأقل ليدفعها في المرة التالية ، ويوفر على نفسه نظرات الكراهية واسلوب التعطيل من الهلفوت المتجبر ، والهلفتة علم خبيث حين يقع في براثنه مواطن مسكين يخرج عن أعصابه ويتهم الهلفوت بالرشوى فتجد سيلا من الاتهامات العكسية المعلبة من الاعتداء على موظف أثناء تأدية وظيفته ، واهانة المصلحة الحكومية .. إلى آخره من علم وفن وخبرة في الدفاع عن النفس. السؤال الملح .. كيف لم يتهاوى هذا الهرم المتهالك ، الذي ينخر في قاعدته سوس الرشوة والفساد؟! الإجابة تقبع في الشرفاء الراضيين من موظفين مواطنين عظماء ، يتحملون على عاتقهم كل الأخطاء والخطايا حتى يكتمل الاصلاح الذي ننتظره ، والعدالة الاجتماعية التي ننشدها ، ونأملها .. بل ونطالب بها.
شاهد أيضاً
كمال زاخر الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠٢٤ حرص ابى القادم من عمق الصعيد على ان يضع …