ماذا لو تعرّينا جميعاً ليوم كامل، وسرنا في الشوارع ونحن نحمل صورة سيدّة تعرّت مرغمة ،وفي هجوم وحشي شنّه عليها تخفى في ثياب الإنسان .
قبل ثلاثة أعوام كنت قد هربت من سوريّة إلى اليونان، وكانت حدودها مغلقة، وتسجن السوريين لو بلّغ أحد عنهم، أو كشفوهم في المطار، أو تعرّض لهم أحد العنصريين ، وليس السجن في اليونان أفضل من السجن في أيّ مكان آخر.
بعد التحقيق معي أرادو أن يحوّلوني إلى المحاكمة تحت بند دخول البلاد بشكل غير قانوني ، كنت في حالة سيئة ولم أعد أهتمّ لما يجري معي. طلبت محام، أو حقوق الإنسان. ثم وقفت أصرخ بالإنكليزية: أنتم ناكرون للجميل. استضفناكم في سورية ، وجدتي لأمّي هي يونانيّة. أين قيمكم؟
لم يستطع المحقق إيقافي عن الكلام ، لكنّني رغبت في إكمال المسرحية. بدأت أبكي بصوت عال وأصرخ: أنت تقتلني. وكان لي شوطاً طويلاً في التناوب بين البكاء والصراخ ملّ المحقق منّي، وطلب أن يتم تفتيشي، تمّ تعريتي بالقوة ، وأنا أدفع الشرطيتان عنّي لكنّهما عرّتاني في النّهاية . صمتُّ لحظة. شعرت أنّ العالم كلّه عار من القيم.
وعندما خرجت، قلت لابنتي :لقد عرّوني، بكت، وقالت لإخوتها عن حالي. كان أولادي يتناوبون في التواصل معي. قلت لهم: هذا العامهو عام التّعري. لا عليكم، فسورية تغتصب نساءها باسم الوطن والدين، والإنسانيّة .
لم أكن أعرف أنّه سوف يكون ليس عاماً واحداً للتّعرّي، بل زمناً كاملاً. هو الزّمن العربي. زمن وقوف العرب عارين من القيم أمام التّاريخ. عارين من الشّهامة. عندما يعرّي جمع غفير من البشر سيدة أو اثنتين لا شكّ أن هذا المجتمع الذي تربى على أخلاق الثعالب سوف ينهار.
لا تحزني أيتها الأمّ لأنّهم عرّوك، فالطفلات في بلادي يعريّهم غريب ، وهذا ما جرى في الرّقة مع طفلة عمرها عشرة أعوام. دقوا باب أهلها، دفعوا لوالدها مهراً بضعة دولارات ، زوجوها من الأمير المجاهد بالقوة ، بعد أيّام طلّقها ، فتزوّجها مساعده، لم يفلح السكان في أن تختبئ بناتهم، فعيون الجواسيس كثيرة.
لا تحزني سيدتي، ففي سوريّة يتمّ الاغتصاب على الحواجز.
لكنّ لو لم نتحدّث، لو لم نحتّج على ما يجري سوف يستمر. لذا أقترح يوماً مفتوحاً للتعري على الملأ . نحن لا نخجل من أجسادنا، عندما نقدم على تعرٍ جماعيّ قد تكون ردّة الفعل مختلفة.
في زمن التّعري العربي ليس نحن فقط من يجب أن يتعرّى.
على الزّعماء العرب أن يتعروا، لو أزالوا صبغة شعرهم، وتأثير الفياغرا على أجسادهم لرأيناهم على حقيقتهم. قد لا يفعلون ذلك ، لكنّهم عراة أمامنا. نعرف تفاصيلهم الدقيقة، ندير وجوهنا كي لا نصاب بالغثيان.
هيا بنا إلى التّعرّي . . .