بقلم : الكاتب الصحفى سعيد شعيب
نعم ، فكراهيتهم واجب ديني اسلامي ، واحتقارهم ضرورة ، فهم ليسوا من طينة البشر ، إما أن تهجرهم خارج بلاد المسلمين أو يقتلوا ، واذا كنت مسلماً كريماً فتتركهم يعيشون ، لكن مذلولين مهانيين يدفعون الجزية وهم صاغرين . هذا بوضوح جزء اساسي من الثقافة الدينية الإسلامية .
لذلك ارجو ألا نقع في فخ أن ما حدث في المنيا ومن قبلها ومن بعدها سيحدث في اماكن اخرى، بسبب السلفيين المتزمتين المتشديين أو الوهابية السعودية.
فهو نتاج طبيعي لما تعلمته انا كمسلم وعشته طوال حياتي : في المسجد ، المدرسة ، الجمعية الشرعية ، البرامج الدينية في الإعلام الرسمي وغير الرسمي .
لقد تعلمنا أن الطريق الى الجنة يتطلب منا، طبقاً لما أمرنا الله سبحانه وتعالى ، أن نكره ونهين ونؤذي ونقتل لو امكن.
محافظ المنيا ومدير الأمن والرئيس وغيرهم وغيرهم من مؤسسات الدولة هم نتاج طبيعي لهذه الثقافة العنصرية والنهج غير الإنساني .
وهو ما اسماه صديقي العزيز الباحث الشهير مجدي خليل الدولة الإسلامية العميقة . لذلك محافظ المنيا تهزه خرافة أن لفظ الجلالة مكتوب على بيضة، ولكن لا تحرك مشاعره حرق وتهجير وتعرية المرأة المسيحية .
هذه الثقافة الإسلامية التقليدية لا تقف فقط ضد المسيحيين ، ولكن ضد كل الأقليات ، لعلك تذكر تهجير حرق بيوت البهائيين على سبيل المثال .
بل هذه الثقافة المتوحشة تحارب بكل قواها المختلف من ذات الدين .
لعلك تذكر على سبيل المثال تعرية وسحل وقتل رجل الدين الشيعي حسن شحاته ومن معه في قرية زارية مسلم بمحافظة الجيزة منذ عدة سنوات.
كما أن هذه الثقافة الإرهابية ليست وليدة الوهابية السعودية .
صحيح أن الوهابية تنشرها ، لكن محمد بن عبد الوهاب مؤسس هذا المذهب الدموي لم يخترع هذا التشدد .
ومثله داعش وطالبان وغيرها وغيرها من التنظيمات الإرهابية.
كلهم استندوا الى ما يلي:
* آيات قرآنية تحرض مباشرة ضد المشركين و “النصارى” واليهود وغيرهم . وتطلب من المسلم حتى يرضى عنه الله سبحانه وتعالى ويدخل الجنة أن يصبح ارهابياً كارهاً لكل ما هو انساني.
هذه الآيات هي صلب المذهب السني بتنويعاته ، ما يتم تدريسه في الأزهر وفي التعليم العادي ، في المنظمات السنية وفي المساجد وفي الإعلام وفي كل مكان .
* احاديث صريحة تحرض على القتل والإرهاب ضد الآخر أياً كان ، بما فيه المسلم المختلف .
* تاريخ خلافة قريش ( لا اعتبرها اسلامية ، مثلها مثل العثمانية وغيرها ) مليئ بالغزوات والإحتلال لشعوب اخرى وطبعاً مثلما فعلت كل الإمبراطوريات القديمة ، قمع وديكتاتورية واستبداد وتمييز وجرائم ، فلم يكن تاريخاً وردياً، بما فيه الأندلس ( هي بالمناسبة احتلال استيطاني ) .
المسلم السني العادي محمل بكل هذه الأثقال الغير انسانية ، حاربت السلطات السياسية والدينية على امتداد تاريخ خلافة قريش ومن بعدها العثمانيون أي محاولة لنشر اجتهاد يعيد التأويل .
بل حرضت على قتل وسحل المجددين العظام مثل المعتزلة وابن رشد والعظيم محمود محمد طه ونصر حامد ابو زيد وسيد القمني وفرج فودة واسلام البحيري وغيرهم وغيرهم .
هؤلاء العظام حاولوا مثلاً أن يشرحوا أن الآيات التي تحرض على العنف كانت مرتبطة بظروقها التي نزلت فيها. فالرسول عليه الصلاة والسلام هاجر الى المدينة وبدء في خوض صراع سياسي لنشر وفرض الدعوة ، أي أنها آيات لا تصلح لزماننا ، فقد كانت مرتبطة بظرفها التاريخي .
واجتهاد اخر يقول أن الأصل هو الآيات المكية ، أما الآيات التي نزلت في المدينة فهي الفرع ، ولا يجوز للفرع أن يلغي الأصل . فالأصل في الإسلام هو “لا اكراه في الدين” ، و” لكم دينكم ولي دين” ، وما يخالفه كان مناسباً وقتها ولا يصلح الآن.
باقي الأديان الإبراهيمية سيطرت نسخ منها أو تأويلات عنيفة ارهابية ، واستطاعت المجتمعات ، خاصة الغربية ، انسنتها ، أي نشر تأويل أو نسخة انسانية منها .
لابد أن نكون صرحاء ونعترف كمسلمين سنة أن لدينا كارثة كبرى ضد انفسنا وضد الآخر .
المسلم العادي مسكين افهموه وحشوا رأسه بأنه اذا اراد رضا الله وجنته، حيث يتناول فطوره مع رسول الله صلي الله عليه وسلم ويحظي بالحور العين، لابد أن يكون كتلة من الحقد والكراهية ، ارهابي ، يفرح ويشعر بالفخر لتعرية سيدة قبطية لأنها قبطية ، يحرق ويقتل وهو مبتسم ، فهو يد الله جل علاه ضد اعداءه . فالطريق الى الجنة مفروش بدماء الكفار .
علينا أن نسعى لتبني ونشر نسخ انسانية من ديننا العظيم ، نسخة ترفض رفضاً قاطعاً تعرية سيدة المنيا وحرق بيوت البهائيين ومطاردة الملحدين وحرق الأسرى احياء.
نسخ تتصالح مع الحياة ولا تكون سبباً في تدميرها.
وكل من يقف ضد ذلك من سلطات دينية وسياسية هم في الحقيقة اعداء للإنسانية.