د. ماجد عزت إسرائيل
عبر تاريخ مصر الحديث والمعاصر،تعرض الأقباط فى مصر لسلسلة من الاضطهاد بمختلف أشكاله من تهديد وتدمير وحرق الأديرة و الكنائس والاعتداء على الكهنة، ورهبان الأديرة،بل وصل الأمر إلى القتل والسرقة والنهب والسلب للأراضى وللعقارات والأموال،وخطف القاصرات من النساء والأطفال
وفى الأونة الأخيرة حدثت حوادث دموية هــزت العالم أجمع ، وكل هذه الأحداث والأعمال الأجرامية تارة، وحوادث التجريد من الملابس وزفة الشوارع تارة آخرى
ونذكر هنا على سبيل المثال حادثة تاريخية يرجع جذورها للقرن التاسع عشر،فقد تعرض القديس سيدهم بشاى بمدينة دمياط ـ تنيح فى مارس 1561 ش/1844م ـ لحالة التجريد من الملابس بتهمة إزدراء الأديان، وفي أثناء مروره في الشوارع كان يُضرب ويُهان من كل فرد صادفه حتى مَثَل أمام القاضي، الذي أمر بتعذيبه بكل أنواع العذاب فأخذت الجموع تضربه بالعصي ضربًا مؤلمًا، وتنتف شعر رأسه وتبصق في وجهه، حتى غاب عن وعيه،وحكم عليه بالدخول في الإسلام أو القتل
ورفض طلبهم الأول، فخلعوا أحذيتهم وضربوه على وجهه حتى سالت منه الدماء وتركوه بين حي وميت،وبعد ثلاث أيام حكم عليه محافظ دمياط بما حكم عليه القاضي سابقًا، فضربوه خمسمائة كرباج وجرّوه على وجهه من أعلى سلالم المحافظة إلى أسفلها فتشوه وجهه
وطرحوه على الأرض وأخذوا يجرونه في الشوارع ثم أدخلوه في وكالة (محلات تجارية) وقفلوا عليه.
وفى رابع يوم تم تكرار نفس الأمر حيث عرّوه من ملابسه واستهزءوا به ومرّوا به في كافة شوارع المدينة التي كانت ملعب للطائشين وللغوغاء في ذلك الوقت، وأمامه الجماهير بالطبل والزمر والرقص وهم يضربونه بالسياط والعصي والأحذية حتى برز لحمه من جسمه، ومروا به على حارة النصارى، التي فيها الآن كنيسه على اسمه بدمياط صاروا يرجمون بيوت المسيحيين بالحجارة
وأخيرًا جرّوه على وجهه متوجهين به إلى منزل أخيه سليمان بشاي بذات المدينة، وإذ بأحدهم يحضر قطران مغلي على النار في قدر ويصبّه على جسده من فوق رأسه،ولا يزال جسده الطاهر شاهد على هذه الحادثة.هذه هى ثقافة التعذيب لدى الغوغاء والمتطرفين الذين ينكدون على الناس حياتهم من أجل التلذذ بتعذيب الآخر.
أما اليوم نحن امام حادثة من نوع جديد، حادثة الاعتداء من جانب غوغاء قرية الكرم ـ تبعد بنحو 4 كم عن الفكرية التابعة لمركز أبوقرقاقص محافظة المنيا ـ على القيم والعادات والتقاليد والأعراف والمبادىء الإنسانية لأن المجنى عليها سيدة مسنة ،وربما يصل عمرهل لنحو (70)عاماً، حيث قاموا فى يوم الجمعة 20 مايوم 2016م بتجريدها من ملابسها وزفها فى شوارع قرية الكرم التابعة لمركز الفكرية بمحافظة المنيا
وظلت تقاوم التعذيت وحدها وسط الغوغاء ودموعها لا تجف من البكاء،لتبحث عن مخرج لها للهرب من المزلة والمهانة ،ونسىء هؤلاء أنهم يقومون بتعذيب سيدة مسنه ، والسبب لدى الغوغاء والدوافع ثابته لا تتغير أما غسيل فى بلكونة ، أومطب صناعى أوتعيين مديرة قبطية ، أو بناء كنيسة،أو تنصير مثل ما حدث بمدينة الواسطى بنى سويف،أو علاقة عاطفية مثل قرية صول والكرم …إلخ ، والحالة الأخيرة هى التى كانت السبب فى تجريد السيدة العجوز، حيث ادعوا أن أبنها على علاقة عاطفية مع أمراة مسلمة
كل الحوادث التى مرت على الأقباط من هذا النوع ـ ما الفرق ما بين ما حدث بقرية صول بالجيزة 2011م،وما حدث بقرية الكرم بالمنيا 2016م،هل تجريد السيدة من ملابسها هو الحل؟ هل هذا يرضى شعب الصعيد المعروفة عنه الشهامة والقيم والعادات والتقاليد الطيبة ؟ أنا اعتقد لا ليس كل أهل الصعيد بهذه الشاكلة ولكنهم غوغاء القرى والمدن الذين يسعون لاشعال الفتن بالبلاد لتسقط مصر؟ ابدا لن تسقط مصر!
نحن نريد مصر الجديدة، ما بعد 30 يونيو 2013م،نريد العيش فى سلام ما بين أقباط مصر ومسلميها،ومن يفعل شىء يضر بالآخر هناك قانون ،يجازى كل إنسان عن طريق القضاء الذى يحترمه الجميع،علينا جمعياً نعمل من أجل بناء مصر،ومساندة كل المؤسسات السيادية،وأيضًا أن نكف عن الفتن لأنها تضر وتهدم ولا تبنى ، هنا نرصد ونتذكر لنتعلم من تجارب الماضى التى خلاصته لا تبنى ولكنها تهدم الدولة
علينا جمعينا ان ندفع العجلات للإمام، مثلما فعل أحمس من قبل وهزم الهكسوس،أيضًا نريد أن نهزم أفكار الغوغاء الطائفية التى تثير الفتن من وقت لآخر، بالقانون، وبنشر ثقافة تقبل الآخر، نريد لمصر وأهلها الخير والسلام والمحبة،و للسلطة السياسية النجاح من أجل مصرنا الحبيبة.