الأحد , ديسمبر 22 2024

الحضارة المصرية بين الإبداع والتشكيك .

منذ أن بدأ الإنسان المصري حياته على أرض مصر، بدا واضحا أن هذه الأرض سوف تشهد إبداعات تحقق لها التكامل الحضاري والريادي في ظل العالم الذي تعيش في رحابه.
فلقد منح الله مصر حدوداً طبيعية آمنة، ومصدراً ثابتاً للمياه هو نهر النيل، وأرضاً منبسطة إلى حد كبير سهلت الاتصال بين المصريين وجيرانهم. ومناخاً معتدلاً أشاع في نفوسهم البهجة والاطمئنان، وموقعاً متميزاً ربطهم بشعوب قارات الدنيا الثلاث. كل هذه العوامل وغيرها جعلت من الإنسان المصري إنسانا متميزاً يملك من الإمكانات ما يجعله ينجز ويبدع، لتتبوأ مصر مكانتها المرموقة عبر العصور.
وعاش إنسان ما قبل التاريخ على تلك الأرض الطيبة في شمال البلاد ووسطها وجنوبها ويضع اللبنات الأولي للإبداع المادي والفكري، وشكل أساسيات حياته، أوقد النار واستأنس الحيوان وعرف الزراعة.
وما أن تحقق له الاستقرار حتى انطلق نحو الآفاق يفكر فيما يجري من حوله في الكون، فالشمس تشرق ثم تغرب ثم تشرق من جديد، والقمر يسطع ثم يظلم ثم يسطع من جديد، والنبات ينمو ثم يحصد ثم ينمو من جديد، والنيل يفيض ثم يغيض ثم يفيض من جديد.
وبقدرته الخارقة على الملاحظة واستقراء الأمور، أدرك الإنسان المصري أنه لابد وأن يمر بنفس الدورة. يعيش لفترة مؤقتة، ويموت لفترة مؤقتة، ثم يبعث من جديد إلى أبد الآبدين. ومن هنا كانت البداية، بداية تلك الكلمتين السحريتين اللتين غلفتا الحضارة المصرية بقوة الدفع والإبداع … البعث والخلود.
إنسان آمن بأنه يحيا ويبدع وينجز لكي يتحقق له كل ما يتمناه في عالم بلا فناء، عالم الخلود. هكذا خطا الإنسان المصري خطواته الأولى نحو مسيرة الإبداع.
وكانت البداية في التفكير في القوى التي تحرك هذا الكون، وبمعني آخر من الذي خلق هذا الكون وما فيه من كائنات. واتخذ لنفسه آلهة ولأنه لم يكن يستطيع أن يحدد ماهية هذه الآلهة، اختار لها رموزاً آدمية أو حيوانية أو طيوراً وغيرها، رأى أن بها خصائص تلك الآلهة التي فكر في عبادتها.
وخطا خطواته الأولي نحو الفن، وبدأ يضع ضوابط المدارس الفنية في النحت والنقش والرسم، وفعل الشئ نفسه بالنسبة للزراعة والصناعات الحرفية والإدارة وتقاليد الملكية بعدما توحدت البلاد مع بداية الأسرة الأولى.
وتوج المصري إبداعاته بمعرفته للكتابة التي جعلت مصر أسبق شعوب الأرض في هذا المجال. ولم يكتف المصري بخط واحد (الخط الهيروغليفي)، وإنما توج فكره ومنح مصر خطوطاً أخرى، هي الهيراطيقي والديموطيقي والقبطي. وعاشت اللغة المصرية أطول فترة في تاريخ لغات العالم القديمة، ولا تزال تعيش بين ظهرانينا الآن في أسماء بلدنا، وفي لغتنا الفصحي والعامية، وفي أسماء مدننا وقرانا.
وتستمر مسيرة الإبداع، ويبتكر المصري صناعة الورق من نبات البردي لينتقل وينقل غيره من شعوب البلدان المجاورة من مرحلة الكتابة على الحجر إلى مرحلة الكتابة على مادة سهلة خفيفة الحمل، وليلعب البردي دوراً كبيراً في نقل الإبداع الفكري المصري عبر الأرض المصرية في سهولة ويسر، ولنقل الثقافة المصرية خارج أرض مصر. ويتابع المصري مسيرة الإبداع في العلوم الهندسية والعمارة والفلك والطب والكيمياء والجيولوجيا ويتفوق على نفسه في هذا المجال. فمن منا لا يقف مبهوراً أمام رأس عجائب الدنيا السبع (الهرم الأكبر) من حيث دقة الزوايا وأسلوب البناء.
ويظل الهرم شاهداً معبراً عن فكر هندسي ومعماري متميز، وعن عقيدة واضحة، وملهماً لكل الأجيال، ومذكراً لنا نحن الأحفاد بعظمة الأجداد، وضارباً بعرض الحائط كل دعاوى الحاقدين على الحضارة المصرية والمتشككين والمشككين في مصرية هذا الإعجاز الذي نشم فيه فكر وجهد وعرق المهندس والمعماري والعامل المصري.
ويبدعون في إعداد الألوان والأحبار والأحجار، وفي دراستهم لطبيعة الأرض المصرية واستثمار المحاجر والمناجم. وإبداعاتهم في فنون النحت والنقش والرسم تنطق بها الآثار التي تنتشر في ربوع مصر، والمقتنيات التي تضمها متاحف مصر والمتاحف الأجنبية.
فمن يستطيع غير المصري أن ينحت تمثالاً من حجر الجرانيت وزنه ألف طن، ومن يستطيع أن ينحت المسلة من قطعة واحدة من الجرانيت لتقف شامخة حتى الآن. ومن يتصور أن الألوان لا تزال زاهية وكأن فرشاة الفنان قد سجلتها بالأمس، ومن يستطيع أن يستوعب ذلك الفهم الواعي والدقيق للعناصر التشريحية للإنسان والحيوان والطير كما فهمها المصري في ذلك الزمن السحيق.
ومن يستطيع أن يدرك ذلك التقدم الهائل في التعامل مع معادن الذهب والفضة والبرونز والنحاس. وهل بوسع الفنان في العصر الحديث أن يبدع كما أبدع الإنسان المصري القديم في مجال صناعة الحلي، إنه لا يملك إلا أن يقف مبهوراً يدرس ويتعلم ويقلد.
ويجئ الأدب المصري كمرآة تعكس وجه وفكر الإنسان المصري، أدب القصة والرواية والأسطورة والشعر والأدب الديني، وأدب النصيحة والحكمة.
وتستمر مسيرة الإبداع في العمارة، وهل يمكن لعقل أن يتصور- إلا بعد دراسة شاملة واعية- كيف تمكن المصري من تشييد معابد كالكرنك والأقصر وهابو وغيرها، والتي تحكي كل كتلة حجر فيها وكل أزميل نحات أو لمسة فنان عشق الإنسان المصري لوطنه، وانتماءه الذي لا يقارن، وفكره الذي لا يباري.
ومن منا لا ينبهر وهو يزور معبد أبو سمبل الكبير، أضخم معبد نحته في الصخر يد البشر في أي مكان من العالم القديم، ذلك الإبداع الذي يستشعر الإنسان عجزه وهو يقف أمامه مشدوهاً.
ويبدع المصري في مجال العسكرية، ويكفي أن نشير إلى قدرته الفائقة على استيعاب السلاح الذي غزاه به الهكسوس (العجلة الحربية) استوعب هذا السلاح الذي هُزم به، وطوره ليطرد به العدو، وليكون سلاحه الرئيسي في تكوين أعظم امبراطوريات العالم القديم.
وتخرج الجيوش المصرية شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً تؤمن الحدود وتوسعها، وتلقن الشعوب المجاورة دروساً في فنون العسكرية، وفي فنون التعامل مع المهزوم، تعامل بتحضر شديد واحترام لتقاليد الحرب والسلام. ومن حق الحضارة المصرية أن تفاخر بملوك لهم باع طويل في العسكرية أمثال سنوسرت الثالث، وتحتمس الثالث، وسيتي الأول، ورمسيس الثاني، ومرنبتاح، ورمسيس الثالث.
وتبدع الحضارة المصرية في مجال العلاقات الخارجية، وتقيم مع جيرانها أرقي أنواع الدبلوماسية، وتعقد المعاهدات لتخرج من أرض مصر أقدم وأهم معاهدة سلام تلك التي عقدت بين الملك رمسيس الثانى والملك الحيثي خاتوسيلي.
ولم تتوقف إبداعات الإنسان المصري عند حدود أرض مصر، ولكنها تخطتها إلى أرض الدول المجاورة، فتركت فيها بصمات واضحة كما ذكرنا في موضع آخر.
ولقد عرف المصريون الكتابة قبل غيرهم، وإذا كان الفينيقيون هم أول شعب عرف الأبجدية في حوالي القرن 12 ق.م فإنهم قد تأثروا بالأبجدية السينائية التي كشف عنها في صخور جبل المغارة وسرابيط الخادم في جنوب سيناء، وهي الأبجدية التي أثرت على اليونانية واللاتينية.
ويدين العالم بالفضل للمصريين في اكتشاف صناعة الورق من نبات البردي. وكان البردي يصدر إلى العديد من دول البحر المتوسط وغيرها، ويكفي أن أحد فلاسفة اليونان كتب لزميل له قائلاً: ” لم نعد نستطيع أن نكتب لأن البردي لم يعد يصلنا من مصر”.
وفي مجال الأدب، وخصوصاً أدب الحكم والنصائح والأمثال والأناشيد، ترك المصريون أثراً واضحاً، فنشيد أخناتون (أول الدعاة بين ملوك مصر للوحدانية) وترك أثراً واضحاً في مزامير النبي داود. وقد كانت حكم الحكيم (آمون إم أوبت) مصدراً لسفر الأمثال. وفي الموسيقى يكفي أن نعلم أن الموسيقي اليوناني “فيثاجوراس” (واضع أصول النوتة الموسيقية والسلم الموسيقي) قد استفاد من خبرة المصريين في هذا المجال.
وفي المسرح كانت مصر رائدة، فمنذ آلاف السنين وأسطورة إيزيس وأوزيريس التي تمثل على المسرح المصري القديم خير دليل على ذلك.
وفي الزراعة والري، استفادت بعض دول العالم القديم من تجربة مصر في مجال إنشاء السدود.
وفي مجال الديانة، فقد عبدت الآلهة المصرية في بعض بلدان آسيا وفي بلاد اليونان والرومان، وأشهر هذه الآلهة إيزيس.
وفي مجال الرياضة البدنية، مارس المصريون الكثير من أنواع الرياضة، وأخذ العالم القديم منهم رياضة المصارعة الرومانية التي نرى أكثر من 200 حركة منها مسجلة على جدران مقابر بني حسن في المنيا.
ومن فرط هذا الإبداع رفض عقل الغربيين أن يصدق في بعض الأحيان، فخرجوا علينا بما يسمي بالهوس بمصر Egyptomania، وقلدوا الحضارة المصرية في الكثير من جوانب حياتهم. وبالكشف عن حجر رشيد عام 1799 وفك رموز اللغة المصرية على يد شامبليون عام 1822، يظهر علم المصريات Egyptology، وتدرس الحضارة المصرية بمنهج علمي في الكثير من جامعات أوروبا وأمريكا.
ورغم كل ما حققه علم الآثار المصرية من تقدم، إلا أن قدر الحضارة المصرية – التي يصعب على العقل أن يصدق الكثير مما أنجزت – جعل بعض الناس في الداخل والخارج يبتعدون عن الحقائق العلمية، ويلجأون عن عمد أو غير عمد للإساءة للحضارة المصرية، ويخرجون بذلك من إطار الانبهار إلى منهج التشويه.
وكان الهرم الأكبر أكثر آثار مصر سلباً للب الناس في كل مكان. وبدلاً من الالتزام بالأدلة الأثرية والمنهج العلمي، دخل الأمر في إطار الحقد الحضاري أحياناً، أو في إطار تصفية حسابات تاريخية، أو الحكم عن غير علم، أو الرغبة في أن يصيب أصحاب هذه الآراء شهرة إذا ما زجوا بأنفسهم في قضايا الآثار، أو بهدف انتزاع إنجاز الأجداد من الأجداد أنفسهم، ومنا نحن الأحفاد.
لقد ذكروا أن أناساً هبطوا من الفضاء وأقاموا هذه الحضارة، وكأنهم لا يرون أن الإنسان المصري كان مؤهلاً للنهوض بعبء هذه الحضارة.
وقالوا أن مصر هبة النيل، ولو كان الأمر كذلك لمنح النيل الحضارة في كل الأراضي التي يمر عبرها من منبعه إلى مصبه، ولكن الإنسان المصري هو الذي عرف كيف يتعامل مع النيل ويستثمره.
وتحدثوا عن قارة أطلانطا، وعن أن سكانها هم الذين أقاموا الحضارة على أرض مصر، وهل هناك من حضارة لقارة أطلانطا على أرضها حتي تكون لهم حضارة على أرض غيرهم. وقالوا إن قوم عاد هم الذين بنوا الحضارة المصرية بادعاء أنهم كانوا يتمتعون بطول القامة وقوة الأجساد، ومن ثم كان بوسعهم أن يرفعوا الأحجار الضخمة إلى ارتفاعات شاهقة بحسب ظنهم، فهل جاء قوم عاد إلى مصر، وهل تبني الحضارات بالعضلات، وأين هي شواهد حضارتهم، ثم ما الذي يقنع في إدعائهم بالأحجام الأسطورية لهؤلاء العماليق كما يزعمون.
وتحدثوا عن أن كليوباترا كانت سيدة ذميمة وقبيحة، وهو أمر تنفيه تماثيلها ومناظرها، وما ورد من وصف لها. وتحدثوا عن لعنة للفراعنة، بمعنى أن كل من يعمل في مجال الآثار المصرية سوف يصاب بأذى، ولو كان الأمر صحيحاً لما عاش أثري عمل في هذا الميدان. وربطوا بين بعض الأنبياء عليهم السلام وبين بعض ملوك مصر، وربطوا بين أوزير وآتوم وآدم، وقالوا أن سيدنا موسي هو أخناتون، وتوت عنخ آمون هو المسيح عليه السلام، وسيدنا يوسف هو يويا والد زوجة الملك أمنحتب الثالث. ولماذا الخوض في مثل هذه الأمور دون سند من الكتب السماوية أو الآثار. ويتحدثون عن خروج سيدنا موسي عليه السلام من مصر في عهد رمسيس الثاني، وهم لا يملكون دليلاً مادياً واحداً على هذا الأمر، بل أن كل هذه المزاعم يأباها العقل فيترفع حتى عن البحث عن دليل لها.
كذلك فقد شوهوا صورة الملك أخناتون، ورأوا أنه شاذ جنسياً، معتمدين على العناصر التشريحية التي ظهر بها، وهي تعبر عن مدرسة فنية تقوم على خلفية دينية، وفلسفية رمزية. وادعوا أن حتشبسوت هي بلقيس ملكة سبأ (إحدى ممالك اليمن)، وكيف يمكن الربط بينهما وهناك تباعد زمني بالقرون.
أما عن اللغة المصرية فقد حاولوا إثبات خطأ قراءتها وترجمتها في محاولة لهدم الحضارة المصرية، رغم أن الدراسات اللغوية تقف على أرض ثابتة راسخة في هذا الميدان.
أما الهرم الأكبر فقد أصابه الكثير من ادعاءاتهم، فقالوا أن اليهود هم الذين شيدوه، ولم يكن لهم من وجود في مصر إلا بعد بناء الهرم بأكثر من 1500 عام، وقالوا أن خوفو ليس بصاحبه، ونحن نملك عشرات الأدلة على أنه شيد في عهد خوفو وبأيدٍ مصرية.
وقالوا إن مزامير النبي داود تقع أسفل الهرم، وهل وضعوا هذه المزامير التي تؤرخ للقرن التاسع ق.م في الهرم الذي شيد في القرن 26 ق.م، وتحدثوا عن القوة النفسية للهرم، فهو ينقي الهواء، ويساعد على نمو الشعر، ويطيل عمر الزهور، ويشفي المدمنين، ويزيل التجاعيد، وتهرب منه الحشرات، ويصيب أجهزة الطيران بالعطب. ونسوا أن الهرم ليس سوى بيت الأبدية لصاحبه.
وأعدوا الأفلام الدرامية التي تسئ إلى حضارة مصر، وكان آخرها الفيلم الأمريكي” أمير مصر”، ومن قبله الفيلم الأمريكي ” المومياء”.
قالوا وتقولوا، وسيظلون هكذا إلى أبد الآبدين مبهورين، حاقدين في بعض الأحيان على إنجازات شعب عريق توافرت له كل مقومات الحضارة، فجاء البنيان الحضاري شامخاً أصيلاً عميق الجذور. وفي إطار التهويل- والحضارة المصرية بشوامخها ليست بحاجة إلى تهويل – قالوا إن المصريين عرفوا الليزر، وعرفوا كذلك كيف يوقفوا الجاذبية الأرضية مما يسهل لهم أمر رفع الأحجار إلى أعلى.
وقالوا كذلك إن المصريين عرفوا الطائرة والدبابة، وهو أمر لا يصدق، لأن السلاح المصري في معاركه مدون على الآثار في كل مكان. وتحدثوا عن زئبق أحمر يستخرج من المومياوات المصرية يساعد على بعث الحيوية والنشاط لدي الرجال، وهو أمر لا يخرج عن كونه وسيلة من وسائل خداع الناس في هذه الأمور.
وقالوا إن أقدم أبجدية عثر عليها في مصر أبجدية سامية، وهو افتراء يتحرك في دائرة اعتبار كل شيء على أرض مصر- كما يدعون – هو من نتاج الفكر العبراني، وليس من نتاج الفكر المصري.
وقالوا إن الفيوم تحمل اسما يعني ” ألف يوم”، على اعتبار أنها بنيت في ألف يوم، وأن الذي بناها هو سيدنا يوسف عليه السلام، وحددوا تاريخاً لقدوم سيدنا إبراهيم عليه السلام إلى مصر، وهو أمر لا نملك دليلاً أثرياً عليه. ويتحدثون عن أهرامات في المريخ وفي المكسيك، فهل كلما وجدنا تكوينات صخرية في كوكب سماوي تشبه الأهرامات، يمكن أن نعتبرها أهرامات.
وأما أهرامات المكسيك فهي ليست أهرامات بالمعنى الإصطلاحى للكلمة ولكنها معابد تختلف في تخطيطها المعماري ودورها الوظيفي عن الأهرامات. وهل لدينا دليل على أن المصريين قد وصلوا إلى المكسيك، أو أن المكسيكيين القدماء وفدوا إلى مصر؟.
ويتحدثون عن أن اسم القاهرة مشتق من المفردات المصرية “كاهي رع”، متناسين أنها قاهرة المعز، وأن التركيب (كاهي رع) ليس له من وجود في اللغة المصرية. ولعله من المنطقي أن نتساءل، كيف يمكن لنا أن نواجه هذه الحملة الشرسة على الحضارة المصرية.
أم الأمر يتطلب التحرك في أكثر من اتجاه:
الاتجاه الأول: تكوين هيئة من علماء المصريات في مصر، ومعهم بعض علماء المصريات من الخارج، لتواجه محاولات التشكيك بالأدلة والأسانيد العلمية الدامغة.
الاتجاه الثاني: إعداد مجموعة من الأفلام التسجيلية ناطقة بالعربية وببعض اللغات الأجنبية، تتضمن ردوداً علمية على تلك المحاولات، على أن توزع خارج مصر.
الاتجاه الثالث: توسيع دائرة الوعي الأثري بين المواطنين بكل فئاتهم وأعمارهم، والوعي الأثري هو إدراك كل المواطنين لقيمة التراث الثقافي من حيث أنه يمثل ثقافة الأجداد، بالإضافة إلى ماله من مردود اقتصادي، على اعتبار أن السياحة الوافدة إلى مصر تقوم على السياحة التاريخية. ويتطلب الأمر التنسيق بين الوزارات والجهات المعنية بأمر الوعي الأثري، مثل وزارات الإعلام والثقافة والتربية والتعليم، والتعليم العالي والسياحة والحكم المحلي وغيرها، لكي تؤدي كل منها واجبها نحو تراث مصر.
وأخيراً: نعود فنقول: لقد قال المغرضون وتقولوا، وسيظلون هكذا إلى أبد الآبدين مبهورين في معظم الأحيان، وحاقدين في بعض الأحيان على إنجازات شعب عريق، توافرت به كل مقومات الحضارة، فجاء هذا البنيان الحضاري شامخاً أصيلاً عميق الجذور، وإذا كان الأجداد قد أبدعوا وتركوا لنا هذا الإبداع، أليس من حقهم علينا نحن الأحفاد أن نحافظ لهم على ما أنجزوا، وأن نقف بالمرصاد لكل المحاولات التي تسعى للإساءة لهذا الإبداع.
بقلم أ: محمد فتحى – مرشد سياحى
وصاحب جروب وصفحة عصير الكتب – Juice of books

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.