بقلم : حابي جورج
سيادة الرئيس أودّ ان اهمس في أذنيك ببعض النصائح المهمة .. فلعلك تنوي ان تهنئ الأقباط بعيد القيامة المجيد، وربما تكرر زيارة الكاتدرائية، فتقطع القداس الالهي ويتم استقبالك بمظاهرة طبعاً من التصفيق والزغاريد كالمنتصر في الحروب. وكل هذا طبعاً من حقك، فقد أوعز إليك أن الأقباط يحبونك ومتيمون بسيادتك ،ولكن الحقيقة تبدو غير ذلك تماماً، فالأقباط فرحون بتعاطفك مع مخاوفهم والتي لم ولن تستطيع سعادتك ان تزيلها
الأقباط يفرحون بقوتك وسيطرتك على الأمور، حتى لا تتفاقم الاخطار.
وهم بذلك، يفضلون المستبد العادل، بدلاً من الديمقراطي الذي يعتبرونه ضعيفا، قد يسمح بخروج التيارات المتأسلمة، تهدد سلامة الوطن كله بصفة عامة وتهدد حرية وسلامة الأقباط بصفة خاصة.
الأقباط يفرحون بأي إشارة من الدولة تذكرهم بأنهم شركاء حقيقيين وان الاعلام والحكومة واجهزة الدولة تلتفت لهم.
ولكن فكر جيداً سيادة الرئيس:
ان شباب الأقباط بعد ٢٥ يناير، ومن قبلها بقليل ـ لم يعد ذلك الشباب الذي يخضع عقله وقلبه ومنطقه لقيادات كنسية بجميع مستوياتها، بدليل تجاوب كثيرين منهم لدعوات التظاهر، رغم رفض القيادات الكنيسة تلك الدعوات.
ان هناك الآن أسس فكرية جديدة تنتشر بين الأقباط، مفادها ان حمايتهم وحماية مصالحهم، لم تعد مرهونة بعلاقة الكنيسة بأجهزة الدولة.
وإنما خرج الشباب بمحتوى جديد للسلام المجتمعي خارج تلك المؤسسات، عبر الانخراط في العمل العام والمؤسسات والجمعيات الأهلية، التي تحرصون سيادتكم على غلقها وتقليص عملها ومطاردة أعضائها .
سوف يستقبلك الأقباط هذا العام، بتصفيق أكثر وزغاريد أطول وبترحاب اعظم من اي عام مضى.
ولكن، ليس هذا دليلا على تحسن حالهم او علو شأنهم ورد مظلامهم، بل على العكس، فهو إشارة إلى عظيم
قلقهم واستقرار مخاوفهم ورفض واقعهم.
سوف يستقبلك الأقباط في الكاتدرائية، وبعضهم له أبناء او اخوة او اصدقاء قابعين في سجون
ومعتقلات أجهزتكم الأمنية، تهمتهم الوحيدة انهم بدأوا ينخرطون مرة اخرى في العمل السياسي
ومنضمون لأحزاب سياسية، بقصد إنهاء حالة انعزال الأقباط عن المشاركة السياسية، وإذا بهم يرفضون
كمواطنين بعض ممارساتك، فإذ بك تزج بهم في سجونك!!!
لا تنس انه خلال زيات الأخيرة للكاتدرائية، تم إلقاء القبض على شباب اعتادوا الذهاب الي الكاتدرائية
لحضور قداس العيد كل عام، ولكن جهات الأمن تلاحقهم بسبب نشاطهم السياسي العلني المشروع
وتم فرزهم من الاجتماعات الكنسية.
عليك ان تحدد وأنت ذاهب الي الكاتدرائية، هل سيادتكم ستذهب لتهنئ بابا الأقباط، ام لتهنئ كل الأقباط؟
فلا يخف على سيادتكم اننا نشهد في هذه الأيام مؤشرات ومعايير ينتهجها الشباب، تختلف عما كان سائدا
في أزمان ماضية.
ولن تستمر في كسب تعاطف وود وأصوات الأقباط، بتوددك لقيادات الكنيسة فقط، فقد صار شباب الأقباط
أكثر وعياً بقضاياهم، وأكثر وحده في انتقاداتهم، وأكثر انفتاحا في خياراتهم، ولا يصح ان نتعامل معهم بنفس
أدوات وأساليب ما قبل ٢٥يناير .
وأخيراً، لست أثنيك عن زيارة الكاتدرائية وتقديم التهنئة، فهو واجبك ، ولكني اقدم بين يديك
نقاطا مهمة، ومؤشرات مختلفة، ربما لم ترد على ذهن مساعديك ومستشاريك .
وكل سنة ومصر كلها بخير وسلام