اشتد القحط بالجزيرة العربية في عام الرمادة، فأرسل الخليفة عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص والى مصر رسالة يطالبه بمضاعفة الخراج (الجباية) من قمح مصر، وعندما أجابه بأن هذا سيؤدى الى خراب مصر أرسل اليه عمر بن الخطاب ثانية يحثه على السرعة قائلا ” أخرب الله مصر في عمار المدينة وصلاحها” (عمر بن الخطاب- الطبرى)
الذين يبكون على جزيرتي تيران وصنافير الآن لهم كل الحق في الحزن والغصة، وعلى استهانة حكومتهم بهم في الشفافية واعلانهم بأحقية السعودية بهما من عدمه، ولكن فاتهم أن مصر قد اغتصبت من الأساس منذ الغزو العربي لمصر منذ 1400 سنة، واضاعوا هويتها ولغتها وحضارتها بل واطلقوا عليه لقب “فتح” وليس “غزو”!
وفى حديث تليفوني بيني وبين سفير سابق لمصر في كندا، قال لي سعادة السفير “أود لو يتكلم الاقباط عن مشاكلهم بصفتهم مصريين وليسوا مسيحيين” ولقد كان هذا بالصدفة يوم 10 سبتمبر فسألته، “هل تعلم ما هو العيد المصري الهام الذى سيكون غدا؟” فقال “لا… لا يحضرني شيئا”…. قلت له “حاول ان تتذكر”….. فلم يتذكر وكرر انه لا يحضره شيئا، فأجبته بأن غدا هو رأس السنة المصرية التي يزيد عمرها على 6000 عام.
واضفت له “ما رأيك لو كتبت العدد القادم ان السفير المصرى يجهل ولا يعلم تاريخ السنة المصرية؟” فقال “وهل يرضيك أنك تضحك الناس عليا” قلت له “لا….، لا يرضيني ولكنى أطلب منك أن لا تقول لي بعد هذا ابدا ان الاقباط لا يتكلمون كمصريين ولعلمك ان الكنيسة القبطية الارثوذكسية هي الجهة قد تكون الوحيدة التي تحتفل برأس السنة القبطية أي المصرية.”
قبل أن تستولى السعودية على جزيرتي تيران وصنافير استولت على هوية الشعب، فهناك احتفال التقديس برأس السنة العربية القمرية ورؤية القمر والهلال الذى كان معبودهم في الأساس “اللات”، ونسى الشعب المصرى تقويمه المصرى ولغته المصرية القديمة وتاريخه الذى لا يعلمون عنه سوى انهم احفاد الفراعنة، هذا بخلاف ما صدرته لنا السعودية من جلابيب وقباقيب ونقاب وحجاب وفتاوى.
الإدارة المصرية الحالية تفقد رصيدها في الشارع المصرى قليلا قليلا بالتخبط الاقتصادي واحكام القضاء الغير عادلة التي لا تبرئ السلطة السياسة منها وأيضا عدم الشفافية.
عزيزي الرئيس السيسي لقد احببناك وانتخبناك ورأينا فيك الرئيس الذى انتظرناه، ولسنا نشك في نيتك او مصداقيتك، ولكننا الآن نرى فيك العسكرية التي تباغت وليست الدبلوماسية التي تشرح قبل المباغتة، فلقد تأخرت كثيرا قبل ان تخرج للشعب بشرح ما يحدث في الجزيرتين، فهل أخذنا ثمنا مناسبا لإنقاذ اقتصاد مصر لترك جزيرتينا للسعودية التي دفعنا فيهما ثمنا باهظا من دماء شهدائنا؟ ام أعطيناهما لهم عن يد ونحن صاغرون؟
د. رأفت جندي