الإثنين , ديسمبر 23 2024

نادية خلوف تكتب : نزهة إلى واحات الإعلام العربي

أبواب الرّأي في الصّحف العربية لا تحمل الرّأي، وقلة هم الذين يقرؤون مقالات الرّأي بتمعّن. لا يهم ماذا تكتب من رأي . المهم أين تصفّ ، ومع من عليك أن تتحالف، ولمن تخاطب؟

أغلب الإعلاميين في الدّول العربية من عرب وغير عرب أوصلتهم مخابرات بلدانهم إلى أماكنهم في الدّاخل، والخارج، وأقصد هنا الإعلاميين الذين أصبحوا يملكون من الثروة  مثلما يملك الرّؤساء. أما من يعملون بالقطعة، ومن يسعون إلى كسب لقمة عيشهم من الإعلام فهؤلاء يصبحون خونه للمحطّة ، أو الصحيفة فور الإشارة منهم إلى صحة أو عدم صحة الخبر.

في الوطن العربي أحزاب للفقراء مخصّصة لدعم المحطات الإعلاميّة م ، فذلك الشريط الدّائر على التّلفاز يجلب الملايين، وأغلب من يرسل الرّسائل النّصية هم من الشعب الجائع.

المحطات لها أحزاب خاصة فهناك حزب محطّة الجزيرة، أو العربية، أو بي بي سي عربي ، أو غيرها. أنت من عامة الشّعب قد تقتل من أجل التصويت  لو قلت لأصدقائك أنك صوّت بلا ، والتصويت في تلك المحطّات يشبه التصويت لأعضاء البرلمانات العربية التي يمكنك معرفة القائمة النّاجحة قبل التّرشح.

عندما تنازل الأسد الأب عن الشريط الحدودي لتركية، وكنت من سكان ذلك الشريط ورأيت حجم الخسارة . لم يتجرأ إعلامي يعيش في الدّاخل على البوح ولو بكلمة. إنّهم يبوحون اليوم بعد أن كانوا أعضاء فاعلين مع النّظام، وكذلك كان الوضع حول الجولان الذي تطالب به سورية ليل نهار، وكذلك الجزر المصرية.

الثورات العربية التي ذهب ضحيتها شباب بعمر الورد. كانت الأصوات الأولى فيها تهزّ عرش حكام العرب، لكنّ المال يصنع المعجزات، تمكّن زعماء المنطقة من سحب الثورة، وبدلاً من أن تكون مدنية أصبحت إسلامية.

أتحدّث بشكل عرضي عن الثورة لأنّ لها وجهاً آخر غير الذي هتف له الشّباب. انشقّ عن الأنظمة رجال سياسة، ورجال اقتصاد، وأدب وفنّ من الذين كانوا شركاء للأنظمة، والذين كانوا يسيطرون على الإعلام في ذلك الوقت ، وسيطروا على الإعلام اليوم  ، وتمّ تشغيلهم في محطّات إعلامية ،  وصحف ، لكن ليس بالقطعة هذه المرّة بل بدفعة على الحساب فهؤلاء أمضوا حياتهم وهم يعرفون كيف يغدِرون، ويُغدَرون.، وأقلامهم ليست نظيفة مع عدم التّعميم ، وقد سألت أحد السفراء المنشقين. ألم تكن مشاركاً للنّظام؟ أجابني : طبعاً لا. أصبحت سفيراً بكفاءتي العلمية، وهو يقصّ اليوم من المال أكثر مما كان يقصّ بالأمس، عندما يغادر هؤلاء مع أموالهم إلى الضّفة الأخرى يكون في استقبالهم موفدون عن الأنظمة التي يرحلون إليها وبيدهم مغلّف  ربمافيه دولارات. هم يتنافسون عليهم، ويتشاركون معهم، وتبقى مهمّة الإعلامي الشّاب هي التّصفيق لهم كي يحافظ على عمله.

عندما يقع الإنسان في حالة تصّوف يذهب في رحلة تأمّلية تعيد له قوّته، وهذا ما حدّث لي فقد قمت بنزهة بين هضاب ووهاد الإعلام العربي، وكتبت من مذكرات الرّحلة القليل بحيث لا تنالني عقوبة الرّجم. 

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.