منذ خمس سنوات وفي عام 2011 حضرت الأستاذة فاطمة ناعوت حفلة الاهرام الجديد للاحتفال ببداية العام الرابع لميلاده، وها هي تحضر للمرة الثانية بدعوة من اتحاد النشطاء الكنديين ويشارك فيها الاهرام الجديد بالاحتفال ببداية عامه التاسع. وكان حضور الأستاذة فاطمة وقت حكم المجلس العسكري لمصر وقبل السنة الكئيبة لتولى الاخوان الحكم.
مرت الأيام وتبدلت الأحوال ولكن كما يبدو أن المتطرفين قد احكموا قبضتهم السلفية هذه المرة على مصر، وها هي فاطمة ناعوت هذه الأيام تواجه محاكمة غاشمة بحجة تافهة أنها استنكرت ذبح الخراف في الشوارع.
ولا ندرى كيف تسيطر التفاهة الفكرية على السلطة في مصر هذه الأيام، فيكون هذا سببا لتهديدها بالسجن كما تم سجن اسلام البحيري، ثم بعد هذا يتشدق البعض بالقول على الاعلام الغربي انه يشوه سمعة مصر! ومن يشوه سمعة مصر بالحقيقة هم الذين يتربصون بالفكر والمفكرين من الازهر والداخلية والقضاة، الذين ينكلون بمن يطولونه سواء عن حق أم باطل، كبار ام أطفال، وعندما سأل أعضاء البرلمان الأوربي مفتى مصر عن الحكم القاسي على اطفال بنى مزار، كانت اجابته ساذجة لا تقنع احدا.
واحتفالا بالأستاذة فاطمة ناعوت اعيد نشر ما كتبته عام 2011 بعد حضورها حفل الاهرام الجديد.
بين وطنية ناعوت و “طز” الأخطبوط
عندما دخلت الأستاذة فاطمة ناعوت قاعة الاحتفال بعيد ميلاد الأهرام الجديد ضجت القاعة الممتلئة بالحضور بالتصفيق لها، ولقد سألتها في اليوم التالي هل توقعتى مثل هذا الترحيب الحار بك؟ اجابت انها تجد مثل هذا الترحيب دائما فى كل كنائس مصر بل واكثر منه.
فاطمة ناعوت تحاضر دائما عن المساواة وانها الطريق الصحيح لنهضة مصر, والمسلم الوطني ايضا يفخر بكل من هم على شاكلة فاطمة ناعوت فمصريتها صميمة وحبها لمصر جلى وهذا ما يدفعها دائما للمناداة بطلب المساواة لكل الشعب المصرى بغض النظر عن الهوية الدينية.
المسلم السياسي يلغى الشعور بالوطنية ويجعل الولاء لمن هم على شاكلته سواء مصريين ام اجانب وهذا ما دفع مرشد الأخوان المسلمين أن يقول أنه يفضل ماليزي مسلم لحكم مصر عن أن يكون قبطيا واعقبها بقوله “طز فى مصر”.
المسيحية فصلت بين الدولة والكنيسة ولهذا يعيش المسيحي في أي مجتمع ويكون ولائه لكنيسته لا يتعارض مع ولائه لهذا المجتمع، فالمصري لمصر والعراقي للعراق واللبناني للبنان والفرنسي لفرنسا بدون أن يكون في هذا أي تعارض بينه وبين العلاقة بالرب الإله، بل أن فقدان الولاء للمجتمع الذى عاش او يعيش فيه هو انحدار روحي، وكلما نما الشخص في الإيمان المسيحي كلما نما ولائه ومحبته لوطنه، وعلى العكس من هذا كلما تعمق المسلم السياسي في المبادئ والأفكار كلما زادت كراهيته للمجتمع الذى يعيش فيه بل وتكفيره وتآمره عليه واستباحة سرقته ونهبه. ولهذا يسعى أن تكون جماعته او عصابته هي المسيطرة بغض النظر عن الأحقية والكفاءة والقدرة.
ولهذا فالمسلم السياسي المصرى يرى أن الغزو الإسلامي لمصر حق، وان حكم مصر من الجزيرة العربية شرف، ولا يضيره الحكم من دمشق ايام الدولة الأموية، ويفخر بالحكم من بغداد وقت الدولة العباسية، ولا يستنكر تحكم الدولة الفاطمية الآتية من المغرب، ويعتز بحكم صلاح الدين الأيوبي الكردي، وفى ايام الحملة الفرنسية لم ينادى شيوخ وزعماء الأزهر باستقلال مصر ولكن بعودتها للحكم التركي العثماني المسلم الذى خفس بمصر فى اسفل السافلين.
الشعار الإسلامي السياسي “الإسلام هو الحل” اساسه شعار مسيحي يقول “الحل هو المسيح” ولكن شتان بين المعنيين فالمسلمون السياسيون ينادون به بمعنى التحكم في الدولة وتطبيق قطع اليد والرجم، بينما المسيحي ينادى بأن “الحل هو المسيح” بالطريقة الروحية المطببة للنفس المتعبة تطبيقا لقول السيد المسيح “تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ وَأَنَا أُرِيحُكُمْ.”
لا تقدم ولا نهوض لمصر أن تحكمت فيها أفكار الإسلام السياسي العنصرية التي لا تحترم الوطنية بل تردد ما قاله مرشد الأخوان المسلمين “طز في مصر”، وشتان بين وطنية فاطمة ناعوت و “طز” مرشد هذا الأخطبوط.
د. رأفت جندى