كتب عصام أبوشادى
غريب هذا الشعب عندما يكون السواد الأعظم منه فى مرحلة الشباب،ثم نراه لا يتقدم خطوة للأمام،وأصبحت حالة الهلس واللامبالاة هى المسيطرة عليه،فلن نعلق شماعة الأنظمة السابقة هى من أوصلت هذا الشباب لهذه الحالة،
فاذا كان للأنظمة السابقة يدا لما نحن فيه الأن،فكأننا نقول أن أيام الملكية، كانت أجمل من تلك الأيام،وهم لم يروا أو عاشوا فى هذا الزمن،بالرغم أن أيامها كان هناك الحفاة من الشعب ،وحالة البؤس ترفرف على منازل المصريين،أما حال شبابها فى ذلك الوقت،فكان مشغولا ومهموما كيف الخلاص من الإستعمار الذى عشش فى بلادهم،واستولى على مقدراتهم،حتى إبن الجنايني عندما أحب انجى لم يكن حاله كما شاهدناه فى رد قلبى،ولكنه جلد بالسوط أمام الحشد،ليكون عبرة لمن يتجرأ على اظهار الود لأسياده،لا تظنوا أننا كنا أحرارا، بل كنا عبيدا فى بلادنا، وعرابى يشهد على كلامى هذا.
كان الشباب المصرى فى ذلك الوقت له هدفا واحدا وهو التحرر،وكانت الحركة الثقافية بينهم على أوجها، سواء من نال حظا من التعليم أومن لم ينل منها شيئا،كانت القهوه وقتها هى المتنفس للوطنية و للعلم والثقافة والفنون،فى وقت كان العالم مغلق،والإمكانيات محدوده.
أما اليوم ومع كل هذا الإنفتاح وكل تلك الفرص المتاحة،ومع ثورتين قام بها هذا الشباب نفسه،ظنوا أن بثوراتهم تلك ستتغير الأوضاع فى يوما وليلة،وعلى إبن الجانينى،أن يأخذ حقه بعد أن ذاق مرارة الجلد،ولكن أى حق ،،؟
وقد إستكان داخل القهوه،يعدد المكاسب التى يريدها،ويحلم على تموجات دخان الشيشة ماذا ستؤل عليه مصر،هى أحلام مشروعة ،ولكنها لن تحقق على صوت كركرات الشيشة،وعلى اصطباحات الشباب بانواعها المختلفة حبوب أوحشيش.أنا هنا لاأضيع حق بعض الشباب الذى يكافح ويغير من نفسه،ولم يصبه الإحباط لأن هذا الشباب هو من يرى بلده كما ينبغى،ولكن للأسف هؤلاء قلة،أما المعظم فهو يزرع بداخله الإحباط دون أن يكلف نفسه عناء المحاولة مرة ومرات،ولكنه يتخفى وراء الشاشات والقهاوى، ليبث إحباطه للجميع.
حتى يظن الشعب أن الحياة لا تتحرك بمصر وذاهبة للأسوء، وللأسف نرى الكثيرين من هذا الشعب المتلحف بالتراب الميرى، يصدق مايدور،أو انه ينظر لنفسه ليزيد مكاسبه التى كسبها ،من خلال ثورتين ،على حساب هؤلاء الشباب،والذين كانوا السبب فى الطفرة التى أصابت هؤلاء الموظفين فى حصولهم علي مميزات.
ماجعلنى أكتب هذا،عندما اشتكى لى مهندس استشارى فى الحديد والصلب،يشتكى من قلة اقدام الشباب على العمل لدرجه أن مصانع أصدقائه أصبحوا يستقدمون العمالة الأسيوية للعمل فى مصانعهم، لعدم قبول الشباب المصرى لتلك الوظائف، حيث أنهم يريدون أن يكون العمل بجوار منازلهم مع مرتبات عالية وياحبذا لو اصبحوا مديرين،
لا يريدون أن يجاهدوا ويكدوا ولكن سرعة الحياة جعلتهم يتوقفون، ينادون الإحباط ليسكن بداخلهم وبل ويصدرونه للدوله بحجة أنها السبب فى ذلك،وللعلم فقد عملنا اعلان لتلك الوظائف مع بيان مرتب أول التعيين وكان 1600ج فى مصانع 6أكتوبرولكن فى النهاية لم يتقدم أحد.
ويكفى لكم وليس ببعيد، فقط عليكم بزيارة شق الثعبان وأنتم ستشاهدون كم العمالة الأجنبي التى تعمل فى تلك المنطقة الصناعية والمشهورة بالرخام،بعد ان هجرها العامل المصرى.
هكذا هم شبابنا الآن لا متوى ولا مأوى لهم سوى أن يتخذوا الإحباط صديقا لهم ليجلسوا به على القهاوى، يحلمون أن يتغير الكون ليأخذهم معه،ومتناسين أن بأيديهم فقط ،هم من يغيرون كل شيء،وليس بالجلوس على القهاوى والتلطع على النواصى،ولكن بالعمل أى عمل سيستردوا به ذاتهم، وقيمتهم،واليوم مهما كان العمل فهو لا يقلل من قدرك، بل يزيدك شرفا فوق شرف.أن التقدم المدنية مع المسميات الغربيةمن حرية وديمقراطية،التى تتكلمون عنها مرارا وانتم جالسون على القهاوى،لن تتحقق إلا إذا شمرتم عن سواعدكم ،ولحقتم بالقلة القليلة من الشباب الذى لم يستكين لهذا الإحباط ،وأراد أن يكون له دورا فى تقدم بلده.
الكل عليه دورا،ولكن اصمتوا قليلا، واعملوا، ليكون لكم شرف التوقيع على كل إنجاز تحققوه،ان الأمم تبنى وتشيد وتاقدم بسواعد شعبها وشبابها وليست بالحكومات .
فليس كل حلم يتحقق،،يتحقق على دخان حجر معسل.
تحيا مصر،تحيامصر، تحيامصر