الثلاثاء , ديسمبر 24 2024

أبو طبلة والبردعاوي

بقلم: إيليا عدلي

وقف الأستاذ فريد أبو طبلة ، المدرس بإحدى المدارس الحكومية ، بين زملاءه الخمسة يزمجر ويجز على أسنانه ، تكاد الدماء تنفجر من أوردة رقبته ، مدافعاً عن حذف البرادعي من المناهج ومؤيداً لهذا الحذف ، بل وطالب رفع قضية بالقضاء الإداري – مستعجل – مجمع محاكم السويد غرب ، لسحب جائزة نوبل منه ؛ عقاباً له على تويتاته التي صدعت رأس جنابه ، وعقاباً له على تسليمه مفاتيح العراق للجيش الأمريكي ، مثلما سلم توفيق الدقن مفاتيح عكا لجيوش ريتشارد قلب الأسد وفيليب أغسطس ومحمود المليجي .. بل وجوب سحب قلادة النيل منه بحجة أن النيل زعلان وعايز قلادته ، وتفتق فكره السياسي عن أسباب عديدة تجعله يتهم البرادعي بالخيانة والعمالة لأمريكا وإسرائيل ، هو نفس فكره المتفتق المقتنع – بعد تحليل وتدقيق – أن داعش من صناعة أمريكا وإسرائيل !

لم يأبه زميله البرادعاوي بكل هذه الزمجرة الاستباقية لردعه عن الرد ، فقفز من كرسيه فجأة وبدأ يعدد أمجاد البرادعي وأساطيره ، وكم كان بارعاً في مجال الطاقة الذرية .. بغض النظر عن نوبل ، فكيف يجري النيل بدون تويتاته؟! وكم هي سعادته بتسمية طفلته “منى” بهذا الاسم ، وتمنى أن يكون لديه سبعة بنات يناديهم جميعاً ب “منى” ، حباً في البرادعي ولزماته في الحديث .. شب البردعاوي على أصابع أقدامه كلاعب الباليه كلما وجه له أبو طبلة اتهاماً للبرادعي ، طفق يدافع عن موقفه الرافض لغزو أمريكا للعراق ، ومدى حزنه حينما سقطت بغداد ، ولديه الدليل القاطع من خلال كل التويتات النارية الغزيزة المتوفرة.

مرت في تلك اللحظة الدادة أم سمير ، تجر شبشبها المقطوع ، نظرت إلى صراع الديوك بينهما بإهمال ، وهي تلوك علكتها بصوت صاخب ، تصنع بفمها بالونات .. بدلال الفتيات الصغار ، وهي تجاوزت الخمسين ، انحنت وإلتقطت شبشبها لأعلى ، تحاول ربط أجزاءه المفككة بسلكة قديمة ، تسكن هذه السلكة داخل الشبشب .. تشكشك أقدامها حتى تنبري وتتآكل ، أو تصدأ ؛ فتعيد ربطها بأخرى كل عدة أشهر .. توقفت حينما جذبها البردعاوي من يدها ؛ ليستشهد برأيها على كلامه أمام الأستاذ فريد أبو طبلة ، فسألها: بذمتك يا أم سمير يا طيبة إنتي .. مش حاسة إن البرادعي نصير الغلابة والمساكين اللي زيك؟!

نفخت أم سمير بالونة كبيرة من العلكة حتى انفجرت على وجهها ، سحبتها بلسانها واستعادت مضغها بهدوء وقالت : يا بني أنا حاسة إن الشبشب بتاعي داب من شغلي وسط الميه في الحمامات .. بقاله خمس سنين بيتربط بالسلك لما خرم رجليا ووجعها ، ولو قبضت الجمعية أول الشهر واشتريت شبشب جديد ، مش هأبخل عليكم بالشبشب القديم !

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.