د.ماجد عزت إسرائيل
في عام(4 ق.م) أو قبلها بقليل ولد الطفل يسوع المسيح في مدينة بيت لحم اليهودية، أيام الملك الروماني هيرودس الأول(74-4 ق.م)، الذي عاش في فترة حكمه زكريا ويوحنا المعمدان، وتقع بيت لحم في الجزء الجنوبي من جبال الخليل، وتبعد نحو(7- 10) كيلومترات جنوب مدينة القدس، ونحو(73) كيلومترًا شمال شرق قطاع غزة والبحر المتوسط، ونحو(75) كيلومترًا إلى الغرب مدينة عمان العاصمة الأردنية.
وتعرف بيت لحم“، باسم بيت الإله “لاهاما” أو “لاخاما”، وهو إله القوت والطعام عند الكنعانيين بناة المدينة وسكانها الأولين بعد هجرتهم إليها من الجزيرة العربية.
وقد ورد اسمها عند الآراميين باسم “بيت الخبز”، وأيضًا اسم “أفراتة” أى”المثمرة”.وتعرف حاليًا باسم “بيت لحم”.ومن الجدير بالذكر أن ميخا النبى تنبأ عن مدينة بيت لحم أو مدينة”أفراتة”،وذكر أن السيد المسيح سيُولد فيها ودون ذلك في سفره قائلاً: “أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمِ أَفْرَاتَةَ، وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ، مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ.”(مي 5: 2).
ولد يسوع المسيح من روح الله القدوس،ومن عذراء لم تعرف رجلاً تدعى مريم،فكان ميلاداً إلهياً،لم يحدث له نظير قط لا من قبل ولا من بعد! كما ذكر عنه فى الكتاب المقدس: “لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبا أبديا رئيس السلام” (إشعياء 6:9). جميع الأنبياء تنبأوا عنه بآيات كثيرة،وكل الحوادث والشواهد تتجه نحوه،وتنتهي إليه،حتى الزمن قيل إنه سيبلغ ملأه يوم مجيئه،وقد كان فبدىء بالتاريخ منذ الميلاد. وهكذا لم يكن المسيح نبياً ليتنبا عن مجىء أحد آخر،ولا رسولاً ينتهي عند تكميل رسالته،بل كان هو”كلمة الله”…”إتّخذ جسدًا، صورة اللَّه الذي هو اللَّه إتّخذ صورة العبد ” اَلَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلًا لِلَّهِ. لَكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ” (في2/6-7).وعاش كإنسان بين الناس،ودعا نفسه “ابن الإنسان”.
ميلاد يسوع هو البداية الحقيقة للحياة لأنه أعاد البشرية لله “فلنطرح الإنسان العتيق ولنتشح بالجديد”(أفسس22:4)، وأيضًا بالمسيح يولد ويتجدد المصلوبون والمدفونون والأحياء لأنه لا بد لنا من أن نحتمل هذا الانقلاب الخلاصي حتى ينتج الحزن من السرور فينقلب الحال، ونرى السرور من الحزن لأنه “حيث تكثر الخطيئة تزيد النعمة أكثر”(رومية 20:5). فنحن اليوم لا نعيد لميلاد المسيح وحسب،بل نصلي بالروح لنجدد وجودنا وحياتنا مع يسوع بتوسل وتوبة وعبادة بالروح،وحينئذ يصير عيداً حقيقياً لنا تفرح له السماء،.وقد ورد بالكتاب المقدس ما يؤكد ذلك حيث ذكر قائلاً: أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ هكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارًّا لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ.” (لو 15: 7).
يوم ميلاد يسوع.. يعد ميلاداً جديداُ للإنسان حيث أصبح لنا ميراث أبوي في السموات،ومجد لاينطق به. ومولد المسيح عطاء مجاني للإنسان الذي شبع شقاء عبر الدهور. كما أن مولده هو إعادة تصحيح المسار بالرجوع إلى الله”ارجعوا إلى،أرجع إليكم”(ملاخى 3:7)،أي أن مولده من أجل كل البشرية وليس إحتكار على المسيحيين دون سواهم.فإذا أردنا أن نبحث عن الله فلنطلبه بكل قلب صافى ليس من أجل منفعة أو ضيقه نمر بها؛بـل نطلبه حبا فيه، لكى نسجد له؛ مقـدمين هـدايانا مثل “مجـوس بلاد المشرق”،فإنه مكتوب “أطلـبوا الرب مادام يوجد أ دعـــوه وهو قــريب، ليترك الشرير طريقـه” (6:55) فلا يمكن أن يرفض الله أى إنسان يطلبه ويلجأ إليه،كما أن مولده كان رسالة فرح وتفـــــاءل لكل البشرية،حتى الملائكة فرحوا قائلــين:”المجد لله فى الأعلى وعلى الأرض الســـلام، وفى الناس المسرة”.
كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد ميلاد السيد المسيح،هذا العيد الذي يحتفل به العالم أجمع، سواء كان يوم 25 ديسمبر أو يوم 7 يناير فميلاد يسوع أصبح البداية الحقيقية للعام الجديد ولحياتنا،وإذا جاز لنا التعبير أن نقول: أنه هو البداية الحقيقية للحياة ….نطلب من الله سلاما لمصرنا الحبيبة، وللعالم أجمع، في ذكرى ميلاد الطفل يسوع.