بقلم م/ جورجيت شرقاوي
تنفق الدولة أموال طائلة علي مؤتمرات الشباب كل سنه ، و بالطبع تمثل رسالة هادفة و محور للمنافسة الشريفة بين الشباب ، و متنفسا يعبر فيه الشباب عن تطلعات المستقبل بكل شفافية، حيث يلتفون حول رئيس الدولة يستمع لهم يأخذ ملاحظاتهم ويستجيب لآرائهم من خلال جلسات الحوار و حلقه التواصل مع كل الوزراء و التنفيذيين ويكلف الحكومة أحيانا بتنفيذ ما تخرج منه هذه المؤتمرات من نتائج وتوصيات .
وأصبح لدي الشباب المهمش صوتا يعلو جديا بعد أهمال طاقة الشباب علي طول الأنظمة السابقة ، و جاءت فكرة المؤتمرات تحت شعار«ابدع.انطلق» لتؤكد تبني الدولة لميلاد جديد من المفترض أن يمثل كل فئات المجتمع ، و نجحت القيادة في اختيار كوادر محترمه تعبر عن الشباب منذ انعقاد المؤتمر الوطني الأول للشباب في شرم الشيخ و شارك عدد من الأقباط لا بئس به ، و التحمو في ظل قيادة حكيمه أعطت الفرص للجميع علي حد سواء .
و قد لاحظنا في الأونة الأخيرة تراجع عدد الأقباط المصريين المشاركين في منتديات الشباب ، و لعل فكرة اندماج الأقباط و تحفيزهم من خلال منتديات الحوار جعلتهم يزدادو انتماء و يشعرون بأجواء وطنيه لم يشعروا بها من قبل ، فكان الشاب القبطي صوته مندثرا وسط باقي الأصوات الصخبة و ظل يعاني من التهميش ملتصقا بالكنيسة كوطن بديل و تراكمت لديه أفكار خاطئة عن سياسه الدوله .
وتغيرت السياسيات و خاصة في ظل وجود علاقة قويه بين القيادة السياسية و الكنيسة ، فبدلا من تركيز الشاب القبطي علي القضية القبطية فقط ، حاول أن يري الصورة متكاملة و يدرس عوامل و مؤثرات خارجيه لم تكن متواجدة في عقله الباطن ، فوجد أن ملفه جزء من الصورة المشوشة التي ظلت عالقه في ذهنه ، فتفتح ذهنه ليري أخطار و مؤامرات تحيط بالوطن و استطاع أن يرسم صورة ذهنية لتعامل الأجهزة الأمنية مع بعض الملفات و اقتنع مؤخرا بما لم يستطيع أن يقتنع به في الماضي
و تمثل مؤتمرات الشباب استحواذ كامل علي عقول الشباب ، فقد رأينا مثالا لوحدة تنظيمية حقيقية يديرها الشباب بأنفسهم ، لتكون البوتقة التي ينصب فيها كل خبرات الشباب في مختلف المجالات ومن مختلف المحافظات، و أدار الشباب أنفسهم المؤتمرات لمجموعه عمل فريدة جعلتهم مهيئين لقيادة مناصب تنفيذه بالمحافظات ، و استضافت البلاد الأفارقة و جعلتهم جزء مهم علي المنصات و تبادل الخبرات ، و لعل كل هذا النجاح قد تم تكليفه برسالة حب من الشباب للقيادة إلا أن تلاحظ سوء اختيار و ثبات اختيار نفس الأشخاص دون مراعاة التجديد و لم تراعي الفئات المجتمعية مؤخرا ، و لا التمثيل المتوازن من كافة محافظات الجمهورية، و قل عدد الأقباط المشاركين تدريجيا باستثناء تنسيقية الأحزاب ، و علي الرغم من وجود شباب قبطي واعي لم يأتي دورة تحت الشمس ، إلا أن تكرار نفس الوجوه المشاركة و التي لم تأتي بجديدا علي مجتمعها فلم يعطي فرص لأخرون للظهور ، و لم تمثل مؤتمرات الشباب أرضية مشتركة لمزج المسلم و المسيحي معا ، و عجز النظام الي الأن الي إخراج الطاقات الشبابية الاستثنائية لدي الشباب القبطي الذي لم يجد متنفسا اخر في المجتمع المدني الا أنشطة الكنيسة ، لتصبح المؤتمرات بمثابة نقطة انطلاق لأفكار ومشروعات فريدة وجديدة و لكن لفئات علي حساب فئات اخري ، برغم ازدياد عدد الأقباط في حركه المحافظين الأخيرة و منهم نائبه شابه قبطية ، و لكن افتقرت الدولة لخطة إعطاء الفرصة الحقيقية لانطلاق شباب الأقباط في المجتمع المدني و صار كلا منهم يعمل بمفردة و أما يقضي حياته المجتمعية باحثا عن دور في الأحزاب السياسية فيجد نفسه محاصرا داخل أمانة المواطنة و أما ان يتذكرة الحزب حينما يقترب دورة بالانتخابات و كوته الأقباط فيضمه اليه مسرعا ، فيلهو بعيدا عن الهدف الاسمي لاي مجتمع و هو الدمج المعنوي و الفعال بالمجتمع المدني .
و لعلي اذكر هذة النقاط و اتهم النظام صراحة باستبعاد الأقباط من الصورة في الآونة الأخيرة بل سقوطهم من حساباتهم و خاصة بعد القبض علي شباب أقباط متهمين بالتورط مع منظمات دوليه و تحويلها لقضية رأي عام دوليا الي افتقار المنظور السليم الذي يعيشه الشاب القبطي بالمجتمع ، و نظرته الضيقة الي الملف القبطي متنسايا ما حوله من رؤي اخري ، و السبب في ذلك ليس عقليه الشاب القبطي في مصر فحسب ، إلا أن الدولة لم تلعب دورا في جذبه و محاوله طمأنته و دمجه بالشكل المنشود ، و لم تحاول وضعه وسط آليات العمل بالمنتديات و تركه وسط أعباء اخري مجتمعيه ليخرج بعيدا عن القضيه التي انشغل بها و حاصرته الاشاعات بها و الشوشرة علي انجازات الدوله ، فمتي تنتبه الدوله إلي ضرورة توسيع دائرة الحوار مع الاقباط و تقديم نماذج محترمه تضاهي بعض الشباب التي جندتهم أجهزة مخابرات معاديه للأضرار بالأمن القومي علي مدار سنوات معتبرة أن نصرة القضيه القبطيه تأتي بمساعدة المنظمات الحقوقية المشبوهه و التي تضغط علي البلاد في أمور كثيرة و حساسه ، فأعيد تكرار نفس السؤال ، اين الشباب القبطي من جلسه «اسأل الرئيس» والذي أقيم في إبريل 2017 واستمرت في كافة المؤتمرات، فلا يظهر اصوات شبابيه ممثله من الاقباط الا من خلال بعض رجال الأعمال الذين لهم نفوذ تساعدهم علي الظهور في تلك المنتديات .
حاول الأقباط علي مدار سنوات تركيز كل طاقتهم في إيجاد الكوته المناسبة لديهم ، و البحث عن دورهم التنفيذي بالدولة ، و تساقط أيضا الشباب في حساباتهم ، فظلو متفرجين علي مؤتمرات الشباب مفتقدين نماذج المحاكاة الوطنية والتي تطورت لاحقا لتناقش قضايا إقليمية ودولية، والتي ناقش الشباب من خلالها القضايا والموضوعات التي تهم الشباب والعالم كله ، و لم نري الشباب القبطي قادرا و مؤهلا علي اجتياز هذه الموضوعات برغم متابعته الجيدة لاحداث العالم ، و دعوني أعيد تكرار نفس السؤال ليس من أجل العنصرية و التميز لكن من باب الحرص علي الشباب القبطي الذي أصبح في مهب الريح من جراء سياسيه الدوله ، هل النظام يبدو جيدا في تعظيم الاستفادة من قدرات الشباب القبطي بدلا من عملهم بخدمات الكنائس فقط ؟ و هل هذا النظام واعي بالقدر الكافي لأشراك الشاب القبطي في عملية اتخاذ القرار و جادة لوضع الشاب أو الشابة من خلال عينيه الصورة العامة للمشهد، كما يجعل الشباب القبطي على دراية بمختلف المراحل والمستويات التي تمر من خلالها عملية اتخاذ القرار ؟
و الحقيقه ان من ابرز التوصيات التي جاءت بمؤتمرات الشباب تشكيل لجنة وطنية من الشباب، وبإشراف مباشر من رئاسة الجمهورية، تقوم بإجراء فحص شامل ومراجعة لموقف الشباب المحبوسين على ذمة قضايا، و لم أري علي مدار سنوات اسماء أقباط مدرجه في قائمه العفو بل علي العكس وجدت كوادر تنتمي للتنظيم الدولي تخرج للنور بعد مراجعات فكريه و متابعه امنيه ، ففتح ذلك باب المزايدات و أصبح بعض الاقباط يتشدقون بمناقشه قضياهم علي مواقع التواصل خلال صفحاتهم الخاصه ، دون اهتمام نصفهم الاخر المتمثل في شركائهم بالوطن و كأن كلا منهما يعيش في عالمه الخاص ، فيشعر كلاهمها أن الطرف الآخر يقع في العنصريه و التميز ، و تترك الدوله دون أن تدري الشباب القبطي يسقط فريسه لأفكارة وسط جذب المنظمات الخارجيه و التي تلعب دورا مشبوهه بديلا عن الدوله التي شعرت بالشباب المهمش و قررت أن توظف طاقاته ضد سياسه بلدة و ترفع صوته و تحتوي قضيته خلال تقارير علي حسب منظورهم ، فلم تمكن الدوله الشاب القبطي من جعله ذراعا لتحقيق متطلبات التنمية البشرية للكوادر الشبابية بكافة قطاعات الدولة والارتقاء بقدراتهم ومهاراتهم بالتعاون مع كبرى المؤسسات العالمية و ليس المنظمات المشكوك بأمرها .
و قد راهن النظام علي عبثيه المشهد أكثر فأكثر ، فأصبح عشوائيه اختيارات سيد الموقف للمنتديات حتي يئس كل شاب عادي و خاصة القبطي من المشاركة الفعالة ، فنجد أن خلت جائزة الإبداع للشباب من وجود شباب الاقباط الا نادرا ، فهل يعقل أن الدوله لم تجد قبطيا واحدا في اي مجال صالح للتكريم ؟ لذلك فإن تحقيق حلم مستحيل في دولة تعاني فجوة كبيرة بين السلطة والشباب القبطي أصبح معقدا، و الحقيقة أن المحاولة الوليدة ستنتهي قبل أن تتعلم الحبوب بسبب تكرار نفس الوجوة، فهناك فرق بين نيه النظام الحقيقه في دمج الاقباط و بين جعلهم مجرد كوته إجرائيه و أداة تزين الكعكه ، فليس من المنطق أن يصبح منتدي الشباب ملتقى عالمي تتلاقى فيه الشعوب للمحبة و السلام و يخلو ذلك من وجود الأقباط الذين لم يرزقو الا بوعود كراسي مجلس الشيوخ مستقبلا و كأن دعاوي المؤتمرات الوطنيه أصبحت مقتصرة علي أشخاص بعينها معروفه بتقاربها مع الأجهزة .
و دعونا نكون اكثر صراحه مع أنفسنا و نجد ان النافذة التي افتتحها النظام لعبور الشباب المؤثر نحو القيادة لم تشجعها الكنيسه بالقدر الكافي و لا اري بذل جهود لأقناع الشباب و التوعيه بضرورة المشاركه مثلما اهتمت الكنيسه بتوعيه التصويت علي الانتخابات ، و لم تحاول ايضا إيجاد حلول لعزوف الشباب عن المشاركه مع المجتمع و ايجاد ثمارا و مناقشه افكارهم تحت عبائه الدوله و لم تساعد علي ذلك ، بأعتبار الكنيسه مؤسسه وطنيه أخرجت عقولا ناضجه و شخصيات متميزة بالمجتمع ، ليزداد ترسيخ الأقباط لدي فكرة استغلالهم أمام العالم في أوقات محددة و بعدها لا يصبح لهم ظهور أو عوزة و يتهمون النظام بمزيد من الطائفية ، و لا نجد إجابات الاسئلة المطروحة علي مدار سنوات .