كتبت : كرستين عوض
يتمتع لبنان بنظام تعليم فريد وهو مزيج من الطرق التعليمية الاوروبية والامريكية معا لذلك نرى فيه الكثير من الناطقين باللغتين الانكليزية والفرنسية، كما يتميز لبنان بجودة التعليم على كافة الاصعدة والاختصاصات فجامعاته ومعاده العلمية تضاهي اكبر المؤسسات التعليمية العالمية جودة ورفعة ،فقد أثبت اللبناني أنه رائد في مجالات العلم والأدب والتفوق بشتى المجالات ، كما توجد في لبنان حوالي أكثر من خمسين جامعة ومعهد جامعي .
والنظام التربوي في لبنان نظام حر بحسب الدستور اللبناني. والتعليم إلزامي لجميع اللبنانيين للسنوات التسع الأولى من الدراسة الأساسية ، ويتكون هذا النظام من قطاعين للتربية في جميع مستوياتها وهما: القطاع الحكومي الذي بدء مع الاستقلال والقطاع التربوي الخاص الذي يعد أقدم منه بأجيال ، وتتجلى الثقافة في لبنان بشكل عام بانفتاحها على ثقافات الشرق والغرب، الأمر الذي يبرر توجه الكثير من الطلاب اللبنانيين إلى متابعة تحصيلهم العلمي العالي في جامعات أوروبا وأميركا وجامعات العالم العربي.
– تاريخ التعليم في لبنان :
كان التعليم في لبنان خلال سيطرة الدولة العثمانية عليها ، يقتصر علي رجال الدين. فكان الكاهن في كنيسته أو ديره، والشيخ في مسجده، هو معلم الصف ومديره وناظره والمحاسب المالي والآمر الناهي في شؤون التعليم والتربية كلها، ولقد شكلت المدارس الدينية المنطلق الحقيقي للحركة التعليمية ،ولكن مدرسة تحت السنديانة تبقى فجر التعليم في لبنان، ورمزا للتراث التربوي اللبناني وعلامة فارقة لبدايات التعليم فيه ، فكانت الدروس تعطى في داخل كنيسة القديس جريس بلبنان أثناء فصل الشتاء ، وفي الصيف كان التلامذة يفترشون الأرض في باحة الكنيسة الخارجية، تحت السنديانة، ما أعطى لهذا النظام التعليمي المنتشر في لبنان تسمية “مدرسة تحت السنديانة”.
كما ان الكنيسة المارونية كان لها دوراسسي في نشأة التعليم في لبنان ، وهي المؤسسة الدينية الوحيدة التي لم تخضع كليا لإرادة السلطنة العثمانية. عندما تأسست المدرسة المارونية في روما عام 1584لصالح تعليم الشبان الموارنة وإعدادهم تحت إدارة اليسوعيين ليكونوا بدورهم معلمين للأحداث في بلادهم .
– دورالبطريركية المارونية في التعليم :
بادرت البطريركية المارونية اللبنانية إلى خلق أطر تنظيمية تتولى مهمة إدارة المدرسة، وحساب المصاريف، وتنسيق عملية تعليم الأحداث، بذلت المارونية اللبنانية جهودها لتوسيع نشاطها التعليمي. فاأفتتحت مدارس في بعض القرى وعينت لها معلمين، مثل دير القمر سنة 1752، وصيدا، وعجلتون، وتنورين، وبسكنتا، رغم معاناتها المادية في تلك الفترة. وجرى احتساب النفقات عبر الوقفيات.
– دورالسلطنة العثمانية وإنطلاق التعليم الرسمي :
بدأت محاولات إنشاء التعليم الرسمي في لبنان عام 1838، بهدف إعداد جهاز إداري مدرب يكون أداة للإصلاح الإداري في أرجاء السلطنة العثمانية. ومن جملة التدابير العملية التنفيذية إنشاء مجلس دائم للمعارف، والتدرج في التعليم في مستويات ثلاثة: ابتدائي وثانوي وعال، ومجانية التعليم الرسمي، وإضافة القراءة والكتابة والحساب إلى جانب التربية الدينية واللغة التركية .
اهتم المتصرف الأول داود باشا لطلب سعيد بك تلحوق وكيل الطائفة الدرزية وأقر له ما يلي: أن يؤسس مدرسة في قرية عبيه لأنها متوسطة بين قرى الطائفة، وأن ينتقي لها معلّمين للغة العربية، وللغات الأجنبية، تكون فيهم الكفاءة، وأيضا لتعليم الحساب، وشدد على إيجاد نظام للمدرسة، كان التالي:
أن يكون تعليم التلاميذة سبع ساعات في النهار مقتطعة غير متواصلة، وأن يتعلم التلاميذ اللغة العربية، واللغة الاجنبية، وأصول الحساب، والخط، ومراسم الآداب. وأن يعين لهم أسبوعيا يوم واحد للتعطيل. وأن يجري في السنة على ما تعلمه التلاميذ، “امتحان واحد” بحضور المعلّمين ، والناظر، وآباء التلاميذ.
– التعليم خلال فترة الانتداب الفرنسي :
خلال الحرب العالمية الأولى، أصيب لبنان بكارثة حقيقية، ولم تسلم المدارس التي أغلقها العثمانيون أو أُغلقت حكما نتيجة للظروف. ومع إعلان الانتداب، سعت فرنسا إلى تشجيع التعليم الخاص الأجنبي والأهلي، ودعت الطوائف إلى إعادة فتح مدارسها وخصصت لها المساعدات الكبيرة. وهنا اتخذت المدرسة صورتها الإدارية الحالية ، فكان لها المدير رأس السلطة المدرسية، يعاونه جهاز إداري، وهيئة معلمين تعمل بتوجيهاته وإرشاداته، وهناك برامج تدرس.
ويقال ان عدد التلاميذ في تلك الفترة بلغ حوالي ستة عشر ألفا في القطاع الرسمي، يقابلهم تسعين ألفا في القطاع الخاص الأجنبي والمحلي. في حين كانت النسبة تلميذ/معلم، واحد إلى مئة.
– النظام التعليمي حديثًا :
ينص النظام الداخلي للمدارس الرسمية على تعريف الإدارة المدرسية كما يلي: هي تكليف أحد موظفي التعليم إدارة شؤون مدرسة معينة، بقرار صادر عن المدير العام للتربية الوطنية بناء على اقتراح خطي من مدير التعليم (الابتدائي أو الثانوي).
وبحسب التعريف والمراسيم والقرارات الرسمية، فالإدارة عملية دقيقة تتطلب إعدادا وعناية فائقة ،ولكن في لبنان يصبح الشخص مديرا دون إعداد أو تدريب فعلي وجدي.
لقد عرف لبنان طفرة تربوية مع مطلع العام 1994: أبحاث، وورش عمل، وتدقيق في أداء المدارس، والجامعات، وحرص لا يضاهى على جدية الامتحانات وصدقيتها. وصدر في العام 1997 المرسوم رقم 10227 الذي أقر المناهج المعتمدة حاليا. كما أقر مجلس الوزراء في العام 2008 استراتيجية لتطوير القطاع التربوي تضمنت محاور أساسية خمسة:
1- التعليم المتاح على أساس تكافؤ الفرص.
2- جودة التعليم، وبناء مجتمع الاقتصاد المعرفي.
3- التعليم الذي يعزز الاندماج الاجتماعي.
4- التعليم الذي يسهم في التنمية الاقتصاديّة.
5- إدارة التعليم.
ومن المدارس التي لمع نجمها في نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، مدرسة زهرة الإحسان للأرثوذكس، والمعهد الثانوي للآباء اليسوعيين (1875) ومدرسة البعثة العلمانية الفرنسية والمقاصد الإسلامية ومدرسة راهبات سيدة الناصرة وراهبات مار يوسف الظهور ومدارس الحكمة الكاثوليكية (1875)، وجل هذه المدارس اعتمدت اللغة الفرنسيّة لغة تعليم للموادّ العلميّة وغير العلميّة أحيانًا، سوى مدرسة الإنترناشونال كولدج والشويفات والإنجيليّة عامة التي اختارت الإنكليزيّة لغة تعليم وتخاطب
• مراحل التعليم في لبنان :
في مرحلة مابعد التعليم الثانوي ، يخير الطالب مابين الإلتحاق في الجامعات أو معاهد التدريب المهني. وتختلف السنوات المتطلبة لاجتياز أي مرحلة من المراحل السابقة على حسب نوعية الإختيار و نوع المجال الدراسي ، ويوجد في لبنان ثلاث مراحل تعليمية :
1. المرحلة الأساسية:
وتشمل التسع سنوات الأولى من الدراسة فيما يعرف بالسنوات الابتدائية والمتوسطة و هي سنوات إلزامية لجميع اللبنانيين. وينال الطلاب في نهايتها على “الشهادة المتوسطة الرسمية” .
2. المرحلة الثانوية:
وهي ثلاث سنوات بعد المرحلة الأساسية، وفي السنة الثانية الثانوية، ينقسم الطلاب بين المسار العلمي أو المسار الأدبي ،وفي السنة الثالثة، يختار الطالب أحد المسارات الاربع التالية: الاداب والانسانيات، العلوم العامة، علوم الحياة والاقتصاد والاجتماع. ويحصل بنهايتها الطالب على “شهادة الثانوية العامة” أو ما يسمى في لبنان بالبكالوريا القسم الثاني بعد اجتياز امتحانات رسمية تشرف عليها وزارة التربية والتعليم العالي.
3. التعليم الجامعي:
ويؤدي إلي الحصول على شهادات جامعية مثل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، بعد حصول الطالب على شهادة الثانوية يمكنه أن يكمل تعليمه في الجامعة أو الكلية أو أي مؤسسة تعليم عالي.
• نظام التعليم المهني في لبنان :
– يتميز التعليم المهني في لبنان هو بنظام تربوي راق يهيئ طلاب المستوى الثانوي للعمل فور تخرجهم بتخصصات مطلوبة في سوق العمل. وفي لبنان العديد من المعاهد والمدارس المهنية والتي تستحوذ على 27% من مجموع طلاب المستوى الثانوي يتميز التعليم والتدريب المهني في لبنان بالآتي:
– يتعلم الطالب في جميع مراحل الدراسة المهنية، المواد النظرية العامة والمهنية والأعمال التطبيقية في ورش ومختبرات المدرسة.
– يوجد في لبنان نموذج تعاون بين مؤسسات التعليم والتدريب وقطاعات العمل والإنتاج عنوانه “التعليم المزدوج” وهو تعليم وتدريب مهني يشرف على التنسيق بين التعليم النظري في المدرسة والتدريب العملي في الشركات، ويحصل الطالب بموجب ذلك على الشهادة الثانوية المهنية بعد ثلاث سنوات، مرفقة بوثيقة تدريب خاصة من قبل المؤسسة.
• العوامل التي ساعدت في ازدهار التعليم الرسمي والخاص في لبنان ، ومنها:
– الحق المعطى للطوائف في إقامة مدارسها الخاصة وتركيز تربيتها على المحبة، و القيم والفضائل، وعلى احترام الذات، واحترام الآخر.
– وجود تنوع طائفي في لبنان يغني الحضارة الإنسانية بخصائصه وخصوصياته.
– شغف اللبنانيين بالعلم والمعرفة والانفتاح.
– رغبة بعض المتنفذين والميسورين الاستثمار في المجال التربوي.
– قدرة اللبنانيين على التواصل مع الخارج، واستقطاب القدرات التربوية.
– ترشيق المناهج وتسهيل فهمها وقبولها في العصرالرقمي،وإعطاء أولوية لجعلها تفاعلية ومتطورة .
– تحديث برامج إعداد المعلمين، لتتماشى مع النهج التربوي الجديد.
– تجهيز المدارس بالتقنيات الحديثة، وتوفير الطواقم التشغيلية المتخصصة.
– توفير الموازنات الضرورية لسد الثغرات المالية في القطاع التعليمي .
تكلفة التعليم في لبنان :
في زمن تزداد فيه المصاعب الاقتصادية في لبنان، وفيه تزداد كلفة التعليم بل وتشكل الأقساط المدرسية والجامعية عبئا اقتصاديا على ميزانية العائلة اللبنانية منذ أن يبلغ الولد الثالثة من العمر بدخوله مرحلة الروضة وصولا الى سن الواحدة والعشرين لنيله إجازة جامعية، هذا اذا لم يتابع تحصيله العلمي لنيل الماستر والدكتوراه، باستثناء من يعملون في السلك العسكري أو العام (جيش، قوى أمن ، أمن دولة…) أو في القطاع التعليمي، بحيث يدفعون نسبة من قيمة الأقساط عدا الموظفين في مؤسسات خاصة الذين يحصلون على تقديمات اجتماعية، كما ان تكلفة التعليم الرسمي شبه مجانية اما الخاص مرتفعة جداً .
وعلى الرغم من الضائقة المعيشية التي يشهدها لبنان يصر اللبنانيون على تعليم أبنائهم ويلجأون إلى “التقتير المعيشي” كي يعلموا أولادهم في أفضل المدارس أو الجامعات. فالتعليم الخاص ما قبل الجامعي يشكل 72% والرسمي 28%، أما في التعليم الأكاديمي فهناك جامعة رسمية واحدة، هي الجامعة اللبنانية وتضم نحو 70% من الطلاب مقابل 45 جامعة خاصة تتوزع عليها النسبة المتبقية.
• اسماء بعض الجامعات اللبنانية :
– الجامعات الحكومية :
الجامعة اللبنانية
– الجامعات الخاصة :
الجامعة الأمريكية في بيروت
جامعة البلمند
الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة
جامعة الروح القدس – الكسليك
جامعة الشرق الأوسط
جامعة القديس يوسف
الجامعة اللبنانية الدولية
الجامعة الإسلامية في لبنان
جامعة بيروت الإسلامية
جامعة المنار في طرابلس
جامعة رفيق الحريري
الجامعة الامريكية للعلوم والتكنولوجيا
الجامعة الامريكية للتكنولوجيا
جامعة الآداب والعلوم والتكنولوجيا في لبنان
الجامعة الحديثة للادارة والعلوم
الجامعة اللبنانية الكندية
الجامعة اللبنانية الالمانية
جامعة التكنولوجيا والعلوم التطبيقية اللبنانية الفرنسية
جامعة العائلة المقدسة
جامعة طرابلس
الجامعة الامريكية للثقافة والتعليم
جامعة العلوم والآداب اللبنانية
جامعة فينيسيا الدولية
– المعاهد والكليات الجامعية :
المعهد العالي للأعمال – ESA
معهد صيدون الجامعي لتكنولوجيا علوم مختبرات الأسنان
معهد صيدون الجامعي للادارة
معهد جويا الجامعي للتكنولوجيا
معهد الرسول الاعظم الجامعي للعلوم الصحية
كلية الصليب الاحمر الجامعي للتمريض
كلية راهبات القلبين الاقدسين الجامعية للتكنولوجيا
الكلية الجامعية لللاعنف وحقوق الانسان
– المعاهد الجامعية للدراسات الدينية :
معهد القديس بولس للفلسفة واللاهوت
كلية اللاهوت للشرق الأدنى
معهد الدعوة الجامعي للدراسات الإسلامية – بيروت
ويوجد حاليا في لبنان حوالى 2876 مدرسة (وفق إحصاء 2016) موزعة على النحو الآتي: 1100 خاصة، و1266 رسمية، و510 خاصة مجانية. يلتحق ما يقارب 55 بالمئة من طلاب لبنان بمدارس خاصة، و45 في المئة بمدارس رسمية ومجانية. ويستفيد حوالى 200 ألف طالب من مساعدات التعليم التي تقدمها الدولة لأبناء القطاع العام والأسلاك العسكرية.
يقر البنك الدولي في دراسة له، بأن ميزانية التعليم في لبنان هي حوالـى 2.45 في المئـة من إجمالـي الناتـج المحلي، وهـي نسبـة متدنيـة بالنسبـة لواقـع لبنـان. وأن نسبـة 90 في المئـة من موازنـة وزارة التربيـة تصـرف علـى الرواتـب، وبعـض الأمـور التشغيلية الأخرى.
ويصل عدد مؤسسات التعليم العالي في لبنان إلى 35 جامعة، و9 معاهد وكليات جامعية، و3 معاهد جامعية للدراسات الدينية.