عاد المجلس الملّى العام للكنيسة القبطية الأرثوذكسية للظهور مرة أخرى، بعد لقاء البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، أعضاء المجلس، لمناقشة الاعتداء الذى وقع على دير السلطان، الأحد الماضى، وسبق اللقاء بيان مساندة من المجلس للبابا، الذى كان فى زيارة رعوية للولايات المتحدة الأمريكية، وتعرّض خلالها لهجوم وانتقادات، بسبب عدم قطع زيارته للمشاركة فى الصلاة على جثمان الأنبا بيشوى، مطران دمياط الراحل.
وفتحت عودة المجلس الملى إلى الأضواء، رغم انتهاء ولايته، باب التساؤلات عن طبيعة المجلس، خاصة فى ظل تردد أنباء عن رغبة البابا فى وضع لائحة جديدة له، وأنه يدرس حاليًا مسودة لها، والتى تقضى بتغيير الاسم من «المجلس الملى العام» إلى «المجلس الاستشارى»، والمشاركة فى الإشراف المالى والإدارى للكنائس، وأن يكون جزءًا من أعضائه بالانتخاب وآخر بالتعيين.
وقال المستشار منصف سليمان، عضو المجلس، لـ«المصرى اليوم»، إن المجلس قائم ودوره ينحصر فى المشاركة فى الإشراف المالى والإدارى بالكنيسة، لافتًا إلى أن مسودة المجلس المطروحة الآن على البابا أكثر ديمقراطية، وأن المجلس يبحث كل الأطروحات من توسيع قاعدة الأعضاء والمشاركة وتغيير الاسم، وأوضح أن المجلس أسسه بطرس غالى باشا، عام 1874، بأمر من الخديو إسماعيل.
وشدد الدكتور ممدوح فخرى، عضو المجلس، على أن المجلس لم تنته ولايته ولا يزال قائمًا وشرعيًا لحين إجراء انتخابات واختيار مجلس جديد، كما أن لجان المجلس قائمة وتعمل بلا توقف، وعلى رأسها اللجنة القانونية، ولجنة الأسرة، واللجنة المالية، ولجنة الإعلام، منوهًا بأن اللائحة المقترحة تُغيّر الاسم دون تغيير الاختصاصات.
وفى المقابل، قال كمال زاخر، منسق التيار العلمانى، إلى أن مدة المجلس السابق انتهت، وهناك ضرورة مُلحة لتعديل هذا الوضع، بسبب تأسيس المجلس القديم، وحاليا بلا اختصاصات فعلية، خاصة أن العديد من صلاحياته تم سحبها بداية من عام 1955، عندما تم إلغاء المحاكم الملية، وفى عام 1956 تم سحب أراضٍ كثيرة كان يُشرف عليها المجلس، بدعوى الإصلاح الزراعى، وفى عام 1961 تم أيضًا سحب المدارس والمستشفيات من الكنيسة للدولة، معتبرًا أن نمو الكنيسة يعنى ضرورة وجود مجلس يراقب الشؤون المالية، مطالبًا فى ذات الوقت بمناقشة اللائحة الجديدة من خلال ورش عمل.
وأكد هانى لبيب، الكاتب الصحفى، أن المجلس منتهى الصلاحية ويجب تغيير اسمه، لأنه من غير اللائق أن يُسمى مجلسا ملياً، مطالبًا بإصلاح المُجمع المقدس أولًا قبل إصلاح المجلس الملّى، لأنه دون تعاون بين الأساقفة والمجلس، لن يكون له أى دور، خاصة فيما يتعلق بالإشراف المالى.
ومن جانبه، رأى هانى صبرى، الباحث القانونى، أن فكرة وجود المجلس الملّى العام للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والتى انتهت مدة ولايته منذ إبريل 2011، تثار بين الحين والآخر، خاصة بمجرد حدوث أى أمور تخص الكنيسة، مستدركًا: «لم تتم إعادة انتخابه، ومن ثم أصبح غير قائم حاليًا، وأى قرارات أو بيانات تصدر باسمه تعتبر هى والعدم سواء، ولا تمثل سوى أصحابها فقط».
وأشار إلى أن أول قرار صدر بتشكيل المجلس من الأمر العالى للخديو توفيق، كان عام 1874، بعد تبنيه فكرة بطرس غالى باشا، وخلال فترات تواجد المجلس حدثت صراعات عديدة بينه وبين الكنيسة، وفى أوقات أخرى كان وجوده مجرد ديكور وحبر على ورق، منوهًا بأن وجوده فى هذا التوقيت لا يمثل أى فائدة للكنيسة، إذا ما عاد إلى وضعه السابق، وتابع: «نحن لسنا ضد إعادة انتخابه، لكن هناك إجراءات يجب اتباعها أولًا للحفاظ على سلامة الكنيسة، ولكى يؤدى دوره الذى أنشئ من أجله تحتاج الكنيسة الأرثوذكسية إلى إعادة ترتيب من الداخل، حتى لا يحدث صدامًا ربما يضر بها، فلابد أن يدعو المجمع المقدس إلى انعقاد مجمع له، لوضع لائحة جديدة للنظام الأساسى للمجلس الملّى، حتى يواكب التطورات ويتمكن من أداء مهامه بفاعلية، ووضع شروط اختيار أعضائه، كما أن تكون مدة عضويته لفترتين فقط، وذلك لخلق كوادر جديدة وعدم الاستئثار بكل القرارات».
وطالب بتحديد واضح لاختصاصات المجلس، وذلك لتفادى حدوث أخطاء الماضى مرّة أخرى، كما يجب أن تكون اختصاصاته محددة وواضحة وواردة أيضًا فى لائحته على سبيل الحصر، لعدم تداخل المهام، والبعد عن أى صراعات أو انقسامات فى المستقبل مع المجمع المقدس، بالإضافة إلى اختصاصه بالنواحى المالية والإدارية فقط.
وأوضح فادى يوسف، مؤسس ائتلاف مصر، أنه على مدار سنوات طويلة ترجع لبداية القرن العشرين وفى حبرية البابا كيرلس الخامس، حدثت صدامات فكرية بين المجالس الملية والبطاركة، الأمر الذى أوقف معه عمل تلك المجالس وتعطيلها من الأساس، لافتًا إلى أنه حان الوقت لانتخاب مجلس ملّى جديد، يشارك فيه شباب الأقباط بالعديد من المحافظات، على أن تُمثل له فروع فى كل مكان، وأن يكون له صلاحيات قوية فى إدارة شؤون الكنيسة، مع الأخذ فى الاعتبار التنسيق مع قيادات الكنيسة من الإكليروس، حتى لا تنشب أى صراعات أو صدامات جديدة.